عندما دخل السيد الشهيد محمد باقر الحكيم العراق، أعلنها صرخةً مدويةً: “العراق للعراقيين”، مقولةٌ هزت أركان بناء الآخر(كل مَن لا يريد الخير للعراق)، ووافقته المرجعية الدنية الرشيدة في ذلك، فرأينا كبار العلماء من كافة الطوائف والأديان، تذهب إلى النجف الأشرف، وتعلن موقفها الرسمي بتأييد مشروع السيد الحكيم، في بناء دولة مدنية مستقلة، تحفظ الإنسان وكرامته، بعيداً عن الأنتماء الفئوي.
عرف الآخر مدى خطورة الموقف، وفشل خططهِ، فسارع في إغتيال السيد الحكيم، وبقية شيفرة المرجعية الدينية الرشيدة، عصيةً في فكها، على خبراء برمجيات السياسة الخبيثة، فتم العمل على محاولة إلغاء دور المرجعية، حتى وصل بهم الأمر إلى التشكيك في نزاهتها وورعها، وجهادها في حفظ الدم العراقي، فضلاً عن المال العام، مسخرين لذلك وسائل إعلامية شيطانية، بثمن مقبوض.
إنقسم الشعب بسبب التضليل الإعلامي، إلى قسمين: الأول يدعو إلى دولة مدنية، وهو يظن بأن الدين والمرجعية يقفان بالضد من هذا، فهاجم المرجعية دون معرفة بها، وبمشروعها لإنقاذ البلد، وهذا ما حصل في المظاهرات الأخيرة، التي دعت إلى الإصلاحات. وأما القسم الثاني فهو وإن كان يظنُ نفسهُ تابعاً للمرجعية، لكنه في نفس الوقت، متطرف ولا يفهم المنهج السياسي الذي تتبناه مرجعية النجف الأشرف، فظن أن الإسلام منحصر في ولاية الفقيه، التي تبنتها السياسة الإيرانية، فهاجم كل من يعارضهُ، خصوصاً مَن يدعو إلى دولة مدنية، ظناً منهُ بأن القائل يدعو إلى ترك الدين.
زيارة رئيس مجلس النواب إلى قطر وحضوره مؤتمر الدوحة، للعراقيين المعارضين المطاردين، تلقفها الإعلام المغرض للإطاحة بالجبوري، متهماً إياه بالعمالة وخيانة الوطن! ولو عدنا في النظر إلى الحقبة السابقة، لوجدنا أن هذه هي التهمة التي كانت توجه، لمَن كان معارضاً في الأمس، ويمتلك السلطة اليوم، عندما كان يذهب إلى إيران!
كذلك جوبهت زيارة السيد عمار الحكيم إلى المالكي في مكتبه، بردة فِعلٍ عجيبةٍ، حتى من محبيه، متهمين إياه بالتواطؤ والتنصل عن مطالب الجمهور بمحاكمة المالكي، وهذا تحليل غير منطقي بالمرة، فالمالكي يمتلك أكبر كتلة برلمانية، وله ثقلهُ السياسي، وهو عامل مؤثر بالعملية السياسية والعسكرية، شئنا ذلك أم أبينا، كذلك وأن محاكمته، مسألة مرتبطةٌ بالقضاء، وهذه الزيارة لا تقدم ولا تؤخر، بل ليس لها تأثير على مطالبتنا المستمرة، بمحاكمة كل من قصَّر في أداء واجبه، ومنهم المالكي الذي كان على رأس الهرم السياسي.
يجب الفصل بين ما تطالب به الناس، وبين ما تستطيع أن تحققهُ السياسة على أرض الواقع، فليس من صالح الشعب العودة إلى نقطة البداية، بل عليه الحفاظ على منجزاته وعلى رأسها الدستور بالرغم مما يشوبه من نقص وغبن لبعض المكونات، نظن أن علاجها مستقبلاً ليس بالأمر العسير.
عودة الجعفري من فرنسا، وإجتماعهِ بأبرز الشخصيات المؤثرة بالعملية السياسية، ولا سيما قادة كتل التحالف الوطني، بادرة جيدة نتمنى لها أن لا تكون شكلية، وأن يُعيد التحالف الوطني هيكلة نفسهِ، ويختار قيادة تستطيع النهوض بالواقع السياسي، وتنفيذ حُزم الإصلاحات، التي طالب بها الشعب.
بقي شئ…
بَنَتْ إيران أُمةً ووطناً على حساب الطائفة، ولا أدري لماذا نُصرُ على بناء الطائفة، على حساب الأمةِ والوطن، نجحت إيران وفشلنا! هل سيبقى مَن يسألُنا: لماذ؟!