للثسهر السادس على التوالي تتعرض المدن والقرى اليمنية الامنة لقصف الصواريخ والقنابل السعودية وحليفاتها أمام صمت عربي ودولي عجيب ، فلم تبذل أي محاولات جادة من جانب المجتمع الدولي لاجبار المعتدين على وقف عدوانهم على دولة هي الوحيدة بين دول المنطقة التي ليس لها أي عدو. عدوان السعودية تم دون أي استفزاز من جانب اليمن ولذلك لا يوجد أي مبرر لعدوانها على الثسعب اليمني وانتهاك استقلاله وسيادته على أرضه أو التدخل في شؤونه الداخلية. وبات معلوما انه لولا موافقة ودعم الولايات المتحدة لما تجرأت السعودية على اعلان حرب الابادة على الشعب اليمني وتدمير تراثه الثقافي والتاريخي. لقد استخدمت السعودية في حربها العدوانية القنابل الانثسطارية وهي تعرف والامريكيون يعرفون انها محرمة دوليا مند عام 2008 . القنايل الانثسطارية من صنف MK82 , MK80 , BLU- 97 تحوي كل واحدة منها 200 قنبلة صغيرة تنتشر عند انفجارها على مساحات شاسعة من الارص. القنابل غير المنفجرة هي كالموت المؤجل تبقى في مكانها لمدة طويلة وتنفجر حين التماس بها من قبل المارة أو المزارعين أو الأطفال بل حتى الحيوانات المزرعية.
مدينة سعدة ذات الخمسين الف مواطن حوثي حولتها تلك القنابل وغيرها الى مدينة اشباح بعد أن هجرها غالبية سكانها. ففي تموز – يوليو الماضي عند زيارة ممثل وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة للمدينة المنكوبة صدم لما رآه من هول الدمار الدي تعرضت له المدارس والمراكز الصحية وادارات الدولة الحكومية وطرق المواصلات ومحطات الطاقة وتحلية مياه الشرب بنفس الوقت الدي صرح فيه ناطق باسم القوات السعودية ” ان المدينة تعتبر هدفا عسكريا ” وهو ما يخالف القانون الدولي. فالسعودية تعتبر الحوثيين عملاء لايران التي باعتقادهم تحاول الهيمنة على اليمن. لكن السفير الأمريكي السابق في اليمن ستيفن سيكي نفى الادعاء السعودي قائلا :
” ان الايرانيين يساعدون الحوثيين ماليا ، لكنهم ليسوا أدواتها فللحوثيين أجندتهم الخاصة بهم محليا. فما كان جاريا في اليمن قبل حرب السعودية عليهم هو حرب بين القبال اليمنية. القاعدة وهي سنية تعتبر الحوثيين عدوهم اللدود وهي المستفيد الأكبر من التدخل السعودي لأن الطيران السعودي يستثني مواقع القاعدة من القصف. وبنتيجة ذلك تمكنت القاعدة من توسيع رقعة المناطق التي تهيمن عليها في اليمن مند عام 2ا20 . وزاد الأمر سوء بدخول داعش الى اليمن وهي الأخرى تعتبر الحوثيين عدوهم وقد باشروا بارسال الانتحاريين والسيارات المفخخة لقتلهم وتدمير بيوتهم. ويعلق السفير ستيفن على ذلك قائلا ” ادا أردت أن تجد منطقا هنا فلن تجده.”
ووفق منظمة الصحة العالمية ان واحدا من كل ثلاثة يمنيين بحاجة للرعاية الصحية العاجلة ، لآن أكثر مستشفيات البلاد على قلتها لم تعد قادرة على القيام بخدماتها للمواطنين بسبب نقص الدواء والأطباء وتدمير الكثير من مبانيها وهجرة العاملين فيها الى خارج مناطق القتال والقصف. وقد تعرض للتخريب ميناء عدن أهم ميناء في البلاد حيث تمر عبره كل احتياجات السكان وبخاصة الأدوية والأغدية. وقد طال القصف الجوي المستمر للاسبوع الثلاثين على التوالي الكثير من المؤسسات العامة والمثساريع الصناعية والمراكز الأثارية التراثية النادرة التي يعود تاريخها الى 2500 عام. وحتى منتصف يونيو – حزيران المنصرم قتل أكثر من 3000 وجرح حوالي 20 ألف من المواطنين بينما هجر حوالي المليوني مواطن مساكنهم.
عندما توجهت ايران بنداء لوقف القتال وبدء محادثات انهاء النزاع قامت الولايات المتحدة بزيادة امدادات الاسلحة للسعودية والدول الخليجية والخبراء العسكريين للدعم اللوجستي بنفس الوقت بلغ عدد السفن الحربية الأمريكية المرسلة خليج عدن والمحملة بمختلف الصواريخ الى أحد عشرة سفينة حربية بما فيها حاملة الطائرات. لقد تم تجاهل نداءات المنظمات الانسانية للحكومة السعودية و الأمريكية لوقف القصف وانهاء النزاع بالمفاوصات السلمية بين اليمنيين أنفسهم لكن تم تجاهل تلك النداءات.
السعودية وحلفائها الخليجيين في مأزق الآن فرغم مرور حوالي الستة أشهر على بدء حربهم ضد اليمن وبرغم عدم تكافؤ القوى بينهم وبين فرق صغيرة من المتطوعين اليمنيين فشلت في فرض حكومة عميلة لها في اليمن. ويجري الآن في المحافل السعودية النقاش حول مشروعين لانهاء الحرب. الأول هو تقسيم اليمن الى دولتين منفصلتين شمالية وجنوبية وهو الحال الذي كانت عليه اليمن في الفترة 1962 – 1990. والثاني تشكيل حكومة وحدة وطنية ممثلة لكل أطراف النزاع وهو الاقتراح الذي كان مطروحا قبل العدوان السعودي على اليمن. لكن القرار بوقف الحرب ليس قرارا سعوديا في كل الأحوال ، بل أمريكيا فما لم توافق هده فكل الحلول مؤجلة.
لقد أجاب أحد المسؤولين الأمريكيين عن سؤال أحد الصحفيين لمادا يساعد الأمريكيون السعوديين صد الحوثيين الذين لا يثسكلون أي تهديد لأمريكا من أي نوع ..؟؟ فأجاب بالقول : ” ان دعمنا هو رسالة للأصدقاء الدين يرغبون أن ندعمهم وهي بنفس الوقت رسالة للايرانيين بأننا نراقبهم. الادارة الأمريكية بعبارة أخرى ترغب بطمأنة السعوديين والخليجيين بأنه ادا وقعت أمريكا اتفاقا نوويا مع ايران فلا يجب أن يقلقوا فالبيت الأبيض سيستمر بدعمهم ويعامل ايران كخصم”. لكن هناك سببا آخر للدعم الأمريكي للسعوديين والخليجيين أكثر أهمية من دماء اليمنيين والسعوديين وهو جعل صناعة السلاح الأمريكي عاملة طوال الوقت. فقد وقعت عقودا لشراء أسلحة بقيمة 100بليون دولار مع السعودية ودول الخليج هذا العام وحده وهو مبلغ كبير يصعب تحقيقه في ظروف استباب الاستقرار والسلام لكن رغم ذلك لم تتوقف الحرب فعلى ما يبدو انهم ينتظرون بيع المزيد.