23 ديسمبر، 2024 10:50 م

السعودية وقطر. الوجه والظهر!

السعودية وقطر. الوجه والظهر!

لكل شيء في هذه الكون البديع وجه وظهر، يمكن تمييز إذا ما كان ذلك الشيء يعطيك وجهه أم يدير ظهره إليك، من هنا كان لزاما علينا التدقيق في الأشياء فيما لو كانت تواجهنا وجها لوجه أم تعطينا ظهرها، لأن كل وضعية يمكن تفسيرها بتفسير يختلف عن الحالة الأخر، فلو أعطاك شخصا وجهه عندما يكلمك، فهذا يعني أنه يحترمك، وبالعكس في الحالة الثانية.
في السياسة كذلك تجد أن لكل دولة تتصرف وفق هذا المبدأ، فهي تتعامل مع دولة بوجه يختلف عن تصرفها مع دولة أخرى، بحسب قرب تلك الدول أو بعدها من بعض.
قبل عام 2003 كانت دول الخليج تتصرف مع العراق، تصرف الخانع الضعيف، لأنه كان يحارب إيران بالنيابة عنها بغض النظر عن إلتقاءهم مع متبنياته أم لا، هذا بملاحظة أن النظام السابق كان بمثابة الشقي الذي يأخذ الإتاوات من هذه الدول، لكونه يدافع عنها ضد ( تصدير الثورة الإيرانية على حد زعمه)، وكانت هذه الدول في المقابل كانت تدفع له مبالغ طائلة؛ إستعادتها من النظام بعد إحتلاله للكويت، وخروجه منها مدحورا على يد قوات التحالف الدولي في عاصفة الصحراء (حرب الخليج الثانية).
قد يتصور بعضنا بأن دول الخليج العربية كانت تتصرف، بحكم كون النظام سنيا، وهذا خطأ كبير، ذلك لأن هذه الدول وخاصة السعودية ودولة قطر، لا تعيران هذا الجانب أهمية تذكر؛ إلا بالقدر الذي يحقق مصالحهما، وهو ما نلاحظه جليا في تعاملها مع الإخوة السنة في العراق، حيث نجد أن هاتين الدولتين تتصرفان مع سُنة العراق بما يتوافق مع مصالحهما كلا على إنفراد لأسباب، منها أن لكل من السعودية وقطر توجهات دينية وسياسية تختلف عن الأخرى، فالأولى تلتزم بالتيار السلفي المتطرف (الوهابية)، والثانية تلتزم تيار الإخوان المسلمين، وشاهدنا كيف أنه بعد سقوط حسني مبارك، أن مصر أصبحت ساحة لتصفية الحسابات بين هاتين الدولتين.
فيما يتعلق بالعراق فإننا نلاحظ أيضا هذا التنافس بينهما، بسبب وجود قوي في المناطق السنية لهذين الفصيلين، فترى التيار السلفي المتشدد والذي تدعمه السعودية بكل ما أوتيت من قوة، سواء بالمال أو بالمال أو بالرجال، مع عدم إغفال الماكنة الإعلامية التي تمتلكها السعودية (قناة العربية), في وقت نرى دولة قطر تحاول أن تجد لها موطىء قدم من خلال الحزب الإسلامي العراقي، مع أن الأخير يحاول أن يكون متوازنا بعض الشيء في هذه الجزئية، ونقصد بها عدم الإنجرار وراء الشعارات الطائفية، لكن قطر تحاول الإستعانة بفصيل أخر وهم البعثيون الذين هربوا من العراق بعد سقوط نظامهم، وهنا ايضا تحاول قطر الإستعانة بماكنة إعلامية وهي (قناة الجزيرة) التي لا تقل شأنا عن الماكنة لأولى.
من هنا نجد أن كلا من هاتين الدولتين، اللتان تمثلان الوجه والظهر لعملة واحدة، وهي التآمر على العراق، لأسباب كثيرة منها الخوف من إنتشار ظاهرة الديمقراطية في بلدانهم، لذلك يحاولون تصوير الديمقراطية بالفوضوية والدموية، كما أن هذه الدول تملك خليط إجتماعي قد يكون أكثر مما موجود هنا في العراق، بسبب وجود جاليات أجنبية عاملة في هذه البلدان كبيرة، ويتعدى ذلك في قطر؛ بحيث أنك تجد نسبة الوافدين أكثر من نسبة المواطنين الأصليين.
فهما يعملان كلا بحسب وجهة نظره بإتجاه تدمير العراق، من خلال مد عناصر تأتمر لأمرهم، بسبب الأموال التي يغدقونها عليهم لتخويف السُنة من (الخطر الشيعي) الذي يحيط بهذه الدول (البدر الشيعي المتمثل بلبنان وسورية والعراق وإيران واليمن)، لكن ينسى ساسة هذين البلدين المثل القائل (إذا كان بيتك من زجاج، فلا ترم الناس بحجر).