25 نوفمبر، 2024 12:36 م
Search
Close this search box.

تحت شعار “أنا وبعدي الطوفان”

تحت شعار “أنا وبعدي الطوفان”

“وقف النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي على المنبر يوماً فقال للناس: أتدرون ما مثلي ومثلكم؟ قالوا: لا. قال: مثل الضبع والضب والثعلب، فإن الضبع والثعلب أتيا الضب في وجاره (بيته)، فنادياه: يا أبا الحسل (كنية الضب). فقال: سميعاً دعوتما. قالا: أتيناك لتحكم بيننا. قال: في بيته يُوتى الحكم: قالت الضبع: إني حللت غيبتي. قال: فعل الحرة فعلت. قالت: فلقطت تمرة. قال: طيباً لقطت. قالت: فأكلها الثعلب. قال: لنفسه نظر. قالت: فلطمته. قال: بجرمه. قالت: فلطمني. قال: حرّ انتصر. قالت: فاقض بيننا. قال: قد فعلت”.

من السطور أعلاه نستطيع الوصول الى حقيقة، قد تكون غائبة عنا في حياتنا المليئة بالمشاغل والمشاكل، لاسيما ساعات المحن والشدائد، إذ من الطبيعي أن تعتري المرء لحظتها قلة تركيز وتشتيت انتباه، تفضيان معا الى سوء تقدير وقلة حيلة في وضع النقاط فوق الحروف. والحقيقة التي قصدتها هي عدم الاكتفاء بتشخيص نقاط الخلل ومكامن الخطل، والوقوف عند معرفة أسباب مشاكلنا، بل حري بنا السعي في حل ما استعصى منها، فضلا عن الوقوف طويلا عند الأسباب التي أدت الى نشوبها وحدوثها. إننا نعيش هذه الأيام مرحلة حرجة في حياتنا، والمتمثلة برد الاعتداء الغاشم والتجاوز السافر على بلدنا الآمن.. البلد الذي يعيش أهله فترة نقاهة بعد انقشاع أربعة عقود من حكم الظلمة والدمويين، وعلينا استذكار أيام كنا قد قرأنا عنها في كتب التاريخ، وأطلعتنا عليها الأسفار، منها البعيدة الموغلة في القدم، ومنها حديثة العهد مازال أغلبنا يتذكرها وكأنها أحداث الأمس، الأيام التي لم تكن تخلو من أصناف من الناس لبسوا لنا لباس البشر في وقت هم أشد ضراوة في شرهم وشرورهم من الذئاب، وقطعا لم يتميزوا بهذه الميزة فخرا وعلوا، بل اكتسبوا بها خسة وضعة زادتهم ذلا على ماهم عليه. وكما نقول في مثلنا: (ماكو زور يخلى من الواوية) فـ (واوية) المراكز القيادية كثيرة في وقتنا هذا، ولديها من الألسن مايبدأ بتصريحات رنانة طنانة لاتقف عند حد من المبالغة والكذب وقلب الحقائق، فأكثرها ينفخ في قربة منخورة، بهدف واضح لدى الجميع.

إلا أن بصيص الأمل معقود بهمة القوات المسلحة العراقية التي تساندها بشرف وعزة زنود الجماهير الغفيرة المتطوعة لنحر نفسها على مذبح الوطن كقربان للسلام والحياة الحرة الكريمة، بما يضمن إخلاء أرض العراق من كل قدم دنستها أقدام التكفيريين والأوغاد، سواء من داعش أم ممن يمت لهم بصلة من قريب او بعيد، ولاسيما أحفاد (ابو رغال) الذين يقومون بأدوار البطولة بالخيانة والغدر والالتفاف على رقاب أبناء جلدتهم من العراقيين.

ومع جملة المحن والشدائد التي حاقت بالعراقيين خلال السنين الأخيرة، ينفذ الفرج لشدتهم ببدء العد التنازلي بشكل مذهل منذ توحد صفوف شرفاء الوطن، بكل فئاتهم وأديانهم وطوائفهم وقومياتهم، والوقوف بعزم وبأس لن يكون أقل من بأس أجدادنا الذين خرجوا في ثورة العشرين، او ثورة مايس عام 1941 او الذي لم يناموا على ضيم وظلم من حاكم جائر، وكلنا يذكر الانتفاضات التي قام بها شعبنا في سنين الجور القمع، بعد أن بلغ السيل الزبى.

اليوم يحارب العراقيون على أكثر من جبهة، وليست جبهة داعش أخطرها، فالجبهات المفتوحة مع المفسدين من متقلدي المناصب العليا أشد خطورة، إذ لم يتخذ أولئك المفسدون من ثورة الشعب وموقف المرجعية وقرارات العبادي رادعا يوقفهم عن غيهم وطغيانهم وتمددهم بالفساد، بل على العكس فبعضهم لن يتنازل عن صومعته التي بناها بأموال العراقيين، وسيسعى جاهدا للحفاظ على مركزه الذي وصله بالغش والمكر والسرقة والاحتيال مااستطاع لذلك سبيلا، فهم معروفون برفعهم شعار؛ “أنا وبعدي الطوفان”.

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات