-1-
يقترض في الانسان المسلم ان يكون اكثر الناس رعاية للموعد، والتزاما به، ذلك انه دُرّب علميا من خلال الصوم والصلاة والحج ان يتعلم الدقة والانضباط .
فلو صلّى قبل الفجر بثلاث دقائق صلاة الفجر كانت باطلة لانها لم تقع
في موعدها المحدد، بل وقعت قَبْلَهُ ..!!
ولو أمسك عن المفطرات كلها ساعات طويلة من النهار، ولكنه تناول شيئا من الطعام او الشراب قبل المغرب بدقائق قليلة كان صومه باطلاً
وهكذا لو قطع المسافات الطويلة حتى وصل الى الديار المقدسة ولكنه لم يصل الى عرفات الاّ بعد عيد الاضحى المبارك، فلا يمكن ان يُعّد من حجاج بيت الله الحرام، وعليه أنْ يعود ثانية الى الديار المقدسة ملتزما بالمواعيد الشرعية المحددة .
والسؤال الان :
كم هم عدد المسلمين الذين يفون بالوعود ؟ ولا يخرمونها ؟
إنّهم قليلون، والتبريرات كثيرة، ومعظمها فاقدة لخاصيّة الاقناع ..!!
-2-
والى وقت ليس بالبعيد كانت المقارنات تُعْقَدُ بين وعود (الشرقيين)و (الغربيين) فكأنَّ الشرقيين ومعظمهم من المسلمين – بحاجة الى استيراد
نظام الوفاء بالوعود من غيرهم ..!!
في حين أنّ شريعتهم هي اول من اولى الوفاء بالوعود أهمية قصوى ، ولكنهم لم يلتزموا بما رُسم لهم من مناهج وطرائق .
فكان التخلف … وكانت فوضى الإخلال بالمواعيد ..!!
أما اليوم فالوفاء بالوعود، نادر الوجود، لا في ديار المسلمين وحدهم بل في عموم أرجاء المعمورة – وللاسف الشديد – ..!!
-3-
هناك من يعتبر الإحلال بايّ موعد معه، ضرباً من الاهانة والانتقاص منه
ويحاسب الآخرين على تخلفهم حساباً عسيراً ..!!
ولكنه من جانب آخر ينسى انه لا يختلف عنهم في الإخلال بالمواعيد معهم فيغفر لنفسه مالا يغفر لغيره ..!!
وهنا تكمن المفارقة ..!!
-4-
ان الوعد بانتهاء ازمة الكهرباء خلال أجل محدد، كثيرا ما تكرّر ولكنه –للاسف- ينخرم مرّة بعد مرّة ، وبرأسنا تكسر الجرّة ..!!
-5-
حتى الآن يتندر العراقيون بما وَعَدَ به المسؤول عن الطاقة في الحكومة السابقة، من انّ العراق سيتولى تصدير الطاقة الكهربائية الى الخارج
خلال مدة عيّنها ، ولكننا تجاوزنا المدّة ولم يخرج هو عن العُهدة ..!!
-6-
واذا كان التخلف عن انجاز الوعود مذموماً ،اذا أخلّ به الانسان العادي ، فكيف بوعود المسؤولين الكبار ؟
وأيةُ حرمة تبقى لهم في النفوس ؟
كيف لا تتزعزعُ بهم الثقة ؟!
ومن أشهر الوعود الكاذبة الوعود الانتخابية التي يضحك فيها الكثير من المرشحين لعضوية مجلس النواب على الذقون، حتى اذا ما فازوا تبخرت الوعود ، ونسيت العهود ..!!
-8-
ومن أهم الوعود الرسمية : الوعد بالقضاء على الفساد ومحاسبة المفسدين الذين ارهقوا البلاد والعباد بما نهبوا من الثروة الوطنية ولكننا بدأنا الآن بالخطوة الأولى ..!!
-9-
وتعد بعض اللجان الرسمية بوعود معسولة ولكنها في الغالب تُضيفُ رقما جديدا الى أرقام سابقة من وعود اللجان على اختلافها، وتعددها والتي لم يتحقق منها شيء على الاطلاق ..!!
لقد شاعت عند الناس المقولة التي تنسب الى اللجان مهمات التعتيم والتمييع للقضايا الخطيرة التي تكلف بالتحقيق فيها واعداد التقارير عنها
حتى قيل :
اذا أردتَ ان تطمر قضية من القضايا فما عليك الا ان تحيلها الى لجنة خاصة ..!!
-10-
انّ علماء الاخلاق يتحرجون من أنْ يعد الأبُّ ابنه الصغير بوعود لا يريد الوفاء به ، فكيف بالوعود التي تُقدم الى الملايين المواطنين ثم سرعان ما تنسى .
-11-
واذا دار الأمر بين ان تعد بوعد كاذب لامتصاص النقمة او ان تلتزم الصمت من دون وعد فالتزم الصمت حيث لاينسب لساكت قول ..!!
-12-
انّ الوقت أغلى من الذهب – كما قالوا- وهناك من يبقى في انتظارك طبق الموعد التي حدّدته له ، فاذا تحلّفْتَ عنه، ولم تُشعر صاحبك بما استجد لديك من طوارئ تُوجب التأخر، فقد ضيّعت وَقتَهُ واستنزفتَهُ وأضررتَ به ايما إضرار .
وهكذا مما تُواخذ عليه .
فاحرص ان تكون من الاوفياء في الوعود والعهود مع الله.
في ان تكون العبد الصالح مع الوطن .
في ان تكون المواطن الساعي لخدمته ونفعه والتضحية من اجله .
ومع الاصدقاء في البقاء على العهد وحفظ الود واليد .
[email protected]