17 نوفمبر، 2024 11:41 م
Search
Close this search box.

محمد الصدر .. فقيه جعل من الأمة تنصر لذاتها 

محمد الصدر .. فقيه جعل من الأمة تنصر لذاتها 

بسم الله الرحمن الرحيم
(تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين  )
لم تكن حركة السيد الشهيد الصدر(رض)  الجهادية منفصلة عن شخصيته الثقافية وعطائه الفكري والفقهي حيث كان من الرواد الأوائل .. الذين اغنوا المكتبة الإسلامية بالعديد من البحوث والدراسات العقائدية والتاريخية
ودون شك أن نهضة الشهيد الصدر الثاني(رض) شكّلت منعطفاً هاماً في مسيرة حركتنا الإسلاميّة، وتركت آثاراً كبيرة على‏ واقعنا السياسي وهي تجربة تستدعي منّا جميعاً الوقوف عندها وقراءتها بدقة،
لهذا كانت  اغلب البحوث والدراسات التي تكلمت عن السيد الشهيد الصدر (قد) لم تخرج من إطار انه إمام الجمعة .. لابس الكفن .. الخطيب الهاتف.. والمتحدث المتحدي…وطغت هذه العناوين على مدرسة جهادية وفكرية وفقهية قل نظيرها في الوجود المرجعي في تاريخ الشيعة ..وقد نبخس حق من أعطى دمائه الطاهرات لكي ينهض بامة جده عندما نؤطر حركته الحسينية بهذه الأطر ونحاول حصرها في هذه المجالات .. وقد نعمل على جعل ثورته ووقفته الجهادية الفكرية الكبرى تحمل جانبا ميدانيا واحدا يؤطر عاطفيا وبمرور الزمن تكون حالة نهوض مرجع ديني معارض فقتل بأيدي الطغاة لأنه خالف أفكارهم .. وهكذا نمر عليه مرور الكرام
الصدر الثاني بفكره الثاقب وبشخصيته الملتزمة رسخ خط القيادة العلمائية حينما طرح العالم النموذج الذي يتحسس آلام الناس ويعيش آمالهم المشروعة من اجل عراق يحكمه شرع الله ويسوده العدل الرباني المقدس
محمد الصدر ..فقيه عصري …مثقف شمولي .. أصولي  بارع..مؤرخ ناقد.. ومفسر كلامي .. صاحب الأطروحات والاحتمالات العقائدية  الكبيرة …
لهذا كان الولي هو ذلك الرجل الذي اقتحم جدار الرعب والموت متسلحا بعزيمة ربانية ومتدرعا بإيمان راسخ تزول به الجبال ولا يزول
وانه العالم الرباني الذي قضى عمره منافحا لله سبحانه وتعالى حاملا علمه ليسقي العراق فكرا صافيا منطلقا من خط بيت الرحمة محمد واله الطيبين
ولأنه الرجل الذي فعل مفاهيم الإسلام في بلد الرافدين بعد ان حاول البعث الكافر أن يسلب منه روح الدين الإسلامي والالتزام بتعاليم السماء
وقد وصل السيد الصدر الى قناعة ان الأمة محتاجة الى عملية توعية جماهيرية  تكون مادتها الأمة بكاملها وليس الى عمل نخبوي يمارس مشروع التوعية وهذه المسالة لها أهميتها في مشروع السيد الشهيد وفي تقديري ان الذي دفعة الى هذا التخطيط عاملان أساسيان
اولا  محاولة لاستثمار عامل الزمن الى الحدود القصوى على اعتبار ان بناء كتلة النخبة التي تقوم بعملية التوعية سيحتاج بدون شك الى مزيد من الوقت وان تحرك النخبة بعد مرحلة البناء تتطلب وقتا آخر بحكم  طبيعة التحرك الحذر في أجواء العراق  الخانقة
ثانيا  كان ( قد)  يدرك أن العلاقة  مع الجمهور من النخبة  .. لن تعطي  النتائج المطلوبة  في ربط  الأمة بالمرجعية .. لان النخبة  ستكون  بمثابة  الجسر بين المرجعية  وبين الأمة  ..في حين ان الظروف  تستدعي علاقة مباشرة بين المرجع وأمته
لهذا شكلت مرجعية السيد الشهيد محمد صادق الصدر (رض) وحركته السياسية ظاهرة بارزه .. ومتميزة في تاريخ المرجعيات الدينية المعاصرة .. فقد استطاع من خلال تصديه لقيادة حركة الأمة في الساحة العراقية عبر نشاطات متعددة وأهمها إقامة صلاة الجمعة في مختلف مناطق العراق  وإمامته  بنفسه في مسجد الكوفة .. مع مايحمل هذا المكان من دلالات عقائدية .. وتاريخية وسياسية عميقة .. أن ينقل مستوى المواجهة بين الشعب العراقي والنظام المتسلط إلى مرحلة متقدمة من الجهاد من خلال تعبئة أوسع القطاعات الشعبية في هذه المواجهة
ومن خلال كل المشاريع التي طرحها على الساحة العراقية ….. بدى العراق وكان حاكمه الأوحد هو السيد محمد الصدر (قد) يوجهه بالوجه التي يرتئيها فأصبحت السلطة الظالمة تعيش على هامش حركته غير قادرة على اللحاق بها .. ولم تنفع مظاهر الإرهاب في منعها او التأثير عليها حتى ان مدافع الإرهاب ماعادت تزعزع النفوس ولا تخيفها!!!
من اجل ذلك كان البديل الوحيد للظالمين على خط التاريخ وهو ان تمتد أيديهم إلى النفوس الزكية من هنا سقى السيد الصدر العراق دما زكيا خالصا لوجه الله تعالى
علمنا الصدر ..  إن الأمة تريد القائد الذي يضم بين ضلوعه قلب الجماهير ويحمل في رأسه عقلها .. وملامحه هي الشعب كله ..
وعند ذلك يكون قائدا لا يقتله الرصاص .. مثلما عجز الرصاص عن قتل رافد العراق الثالث ….السيد  محمد محمد صادق الصدر (رض)

أحدث المقالات