19 ديسمبر، 2024 1:38 ص

ثـــــــــــــــــــــــــــــورة الجياع

ثـــــــــــــــــــــــــــــورة الجياع

الغليان الشعبي العارم الذي يجوب شوارع بغداد ومدن الوسط والجنوب ، المتزامن مع قسوة الحياة وسخونة لهيب شمس الصيف الحارق، أجج غليان الشارع المحتقن والمتلبد بغيوم السلطة الفاسدة ووحوشها، التي حولت خزائن البلد ، الى بقرة حلوب لا تدر الا لسطوتهم، وغمامة لا يعود خراجها الا لكروشهم التي امتلأت بمال السحت الحرام؛ فعاثوا في الأرض فسادا وظلما ، حتى بلغ السيل الزبى فاخذ الشارع يغلي ويتحرك بشكل دراماتيكي ضدهم وضد من اسماهم دواعش الفساد.
لعل الغريب في هذه التظاهرات التي خرجت لوقف الخراب والدمار وافة الفساد ، هو ركوب الفاسدين من الطبقة السياسية موجة التظاهرات؛ محاولين الاختباء وراءها بذرائع متعددة ، علها تبعد عنهم صبغة الفساد الممزوجة بإراقة الدماء الزكية التي سالت بسببهم، او ممن خانوا ضمائرهم وهم يمدون أيديهم القذرة داخل افواه الجياع ليسرقوا رغيف الخبز منهم، دون ان  تأخذهم رأفة بيتيم او شفقة بشيخ او ارملة مكسورة الجناح او عجوز ثكلى ادماها التعب والحزن على فراق عزيز او فلذة كبد او ممن لحقتهم عاصفة النزوح القسري او الممنهج ، فأصبحت دموع الذل تذرف من اعينهم فتحرق قلوبنا ، لشدة ما اصابهم من الحيف والظلم والجور الذي لحق بهم من سطوة معظم السياسيين الفاسدين والمرتشين والمخربين .
لقد انكشفت عورة السياسيين ولم يعد لديهم رداء يتسترون خلفه وبانت الاعيبهم وانقشع عن أجسادهم جلباب الدين المزيف، الذي يتخفون باسمه وهم يحرفون الكلم عن موضعه ، فيتهيأ لهم انهم أصحاب اليمين … فخسئوا وخاب فألهم، لان قسوة ظلمهم وجبروتهم وطغيانهم لن يدوم ، طالما ولدنا أحرارا ، كقرصة النقي اذ ليس لاحد فضل علينا بها، كون الطبقة السياسية الحالية والتي خيل لها انها ولية امرنا ، جاءت لكي تسرق بلدنا وتفرق شملنا وتقتل أبناءنا ، فهم كثيرون حول السلطة وملذاتها ، لكنهم قليلون نحو الوطن والشعب، هذه الطبقة الفاسدة لو كانت قريبة من الله سبحانه وتعالى ومن انبيائه واوليائه الذين صعقونا بالبكاء والنياح عليهم ، لو تذكروا يوما وهم يتقاسمون غنائم الشعب بينهم، ما قاله سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام عندما سألوه، ما لك تجوع وانت على خزائن الأرض؟ فأجاب : أخاف ان اشبع فأنسى الجائعين.
 على جميع العراقيين ان يعلموا جيدا او ممن تغيب عنهم حقيقة الامر ، ان أي شخص يتبوأ منصبا ، مهما كان ثقله في الحكومة ، انه موظف لدى الشعب وخادم له ، وليس سيدا عليه ، لان الشعب هو مصدر جميع السلطات ، واذا كان قدرنا السيئ ان يحكمنا الصغار على حساب الكبار والجهلاء على حساب العلماء ويحارب أصحاب العقول والمواهب على يد الجهلاء ، فهذا لأننا في اسوأ الأزمنة وأرداها  ، فبعض هؤلاء مثل ” الحمير ” اجلكم الله ، ان اعطيته أهمية زائدة يحسب نفسه حصانا ، لان السياسة عندهم بلا مبادئ والمعرفة بلا قيم والثروة التي جنوها بلا اخلاق .
نحن اليوم امام إرادة حقيقية، وفرصة ذهبية اكرمنا الله بها لنوحد صفوفنا ونشد عزمنا وننبذ العنف الطائفي الذي غرسه أولاد الزنا في مجتمعنا ليحولونا الى نار متقدة تأكل اخضرنا ويابسنا، فنقعد نلوم بحسرتنا على ما اصابنا ، نحن اليوم احوج ما نكون الى انفسنا لهذه الثورة التي تستعيد كرامتنا التي سلبت منا وتوحد شملنا ، فنأخذ بمن قتل فلذات اكبادنا وسفك دمائنا ونهب خيراتنا وسلمنا الى من لا رحمة له بنا ، ثورة نرحب بالموت اذا جاء اجلنا ، فنموت على اعراضنا وفوق ارضنا التي استباحوها غدرا امام اعيننا وتحت شمس نهارنا .

أحدث المقالات

أحدث المقالات