” طيلة فترة المباحثات ونحن نتعامل مع خصمً ذكي وعنيد في نفس الوقت “، هذا ما وصف به الرئيس الأميركي باراك أوباما أيران، بعد الاتفاق النووي الذي حصل، بينها وبين الدول الست الكبرى في فيينا، بعد مفاوضات ماروثونيه دامت قرابة الـ ٢٣ شهراً .
سجالات ومواقف، تتراوح مابين التشنج، والتوتر في نفس الوقت، منذ مايقارب الـ ١٢ عاماً، والملف النووي الإيراني، يسبب القلق، وعدم الارتياح، لكل من أميركا وأسرائيل، وقد وصل الامر الى جفائهم للنوم خوفاً من الأيام القادمة.
كل ما تم الاتفاق عليه اليوم في فيينا، وضع النقاط على الحروف، التي لم تكن واضحة في بعض الأحيان، جميعنا نتفق، أن ما تسبب به هذا البرنامج، لأميركا وحلفائها من جهة، وللجمهورية الاسلامية من جهة أخرى، وكيفية تضرر أقتصادها بسبب العقوبات، المفروضة عليها منذ ما يقارب ال عشرة سنوات.
لا نريد أن ندخل في تفاصيل هذا الاتفاق، لان هذا الحدث التأريخي، قد وصلت بنوده، وفقرات، ما تم الاتفاق عليه، الى أقصى بقاع العالم، ولا يوجد أي شخص لم يتابع هذا الموضوع بأدق تفاصيله، الا أن ما جذب الانتباه، هو أتفاق أخر جاء متزامناً، مع الاتفاق النووي، وأن كان مخفياً منذ عقود زمنية، الا أن اليوم قد تم الأعلان عنه أيضاً ؛
ولادة الاتفاق الاسرائيلي السعودي، الذي ولد بعد عملية قيصرية، لم يستطع أطباء السياسة في البلدين، أن يحتفظوا بهذا المولود، لفترة زمنية أخرى، بسبب مجريات الأحداث الجديدة !
ليس هناك أي دولة في العالم، لم ترحب بهذا الاتفاق، لما فيه من صلاح، ونجاح الدبلوماسية، وتفضيلها على المواجهة، والحروب، التي لم تجلب لدول العالم، والمنطقة، الا الدمار والخراب، الا هاتين الدولتين ؛ وأن كانت أحدها ناقصة في بعض جوانبها، لكي يكتمل فيها معنى الدولة، وقد بين هذا الاعتراض ما كان مستوراً، وغير ظاهر للعيان، من قبل دولة الحياد الدائم .
هذا الاعتراض، قد برهن للعالم أن هناك أتفاق سري، مابين هاتين الدولتين، اللتين ألتقت مصالحها، لأعادة خارطة المنطقة من جديد، وأنشاء الدويلات الصغيرة، التي لا تستطيع مواجهتها مادياً، وعسكرياً، في يوم من الأيام، مما جعلها تستشيط غضباً، منذ الجولات الاولى لهذا الاتفاق .
التخوف الاسرائيلي معروف، ويوم القدس العالمي، هو خير برهان على ذلك، أما التخوف السعودي ناتج عن سيطرة، رجالات أبن تيمية، وأبن باز، على مقاليد الحكم في المملكة، وبث سمومهم في عقليات الأسرة الحاكمة، التي لا تخطو خطوة واحدة من دون الاستماع لشيوخ البدع، والتطرف.
الاتفاق النووي، نتج عن أعتراف الطرفين، أحدهما بقوة الأخر، وأن الدول الكبرى وصلت الى قناعة، بأن ألجمهورية الاسلامية أصبحت لاعباً قوي في المنطقة، وأن عدائها وحرمانها، من برنامجها النووي ليس في صالحها، خصوصاً مع فشل كذبة الشرق الأوسط الخالي من السلاح النووي.
قد يكون هذا الاتفاق بداية للتحول، من سيطرة القطب الأوحد، الى نظرية الأمن الجماعي، مما يعتبر تغيير مفصلي في توازن القوى ؟وقد يكون أستبدالً للحليف السني التقليدي، بالحليف الشيعي، الذي أثبت أعتداله أكثر من غيره، في ظل الأحداث الحاصلة في المنطقة؟
تساؤلات عديدة، تدور، وتبحث عن الإجابة، ومستقبل العلاقة، ما بين حلفاء الأمس في المنطقة، وما هية شكل العلاقات القادمة في ظل التطورات الجديدة، والتي سوف يترتب عليها مستجدات، وتسويات سياسية، وأمنية في المنطقة.