قبل جمعتين تقريبا صرح السيستاني و على لسان عبد المهدي ألكربلائي بان سبب تردي الوضع الأمني و الاقتصادي هو الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة و أشار إلى أن أصل الفساد بدأ من داخل مكاتب و مقرات الأحزاب السياسية المكونة للحكومة ومنها انطلق و انتشر في مؤسسات الدولة , و طبعا برأينا هذا هو الحقيقة و الواقع و لكن ما يلفت النظر أن السيستاني في نفس الخطبة طالب الحكومة بمحاربة الفساد و المفسدين و هو يعلم أن من يشكل الحكومة هم نفس الأحزاب و الكتل التي أكد هو على أن أصل الفساد تسرب من مكاتبها و مقراتها إلى مفاصل الدولة ,أي أن السيستاني و في عملية تناقض واضحة يطالب من أحزاب الحكومة الفاسدة محاربة نفسها . اليوم و في خطبة الجمعة يعيد السيستاني الكرة مرة أخرى من خلال مطالبته لرئيس الحكومة بمحاربة الفساد و الضرب بيد من حديد لعزل الفاسدين و إنهاء المحاصصة و اعتماد الكفاءة و أن سبب المشاكل الاقتصادية و الأمنية هو الفساد .الملاحظ في خطاب السيستاني انه يحتمل أمرين و هما أما السذاجة و السطحية في التفكير حين يطلب من الحكومة التي يعترف بفساد مكوناتها بان تحارب الفساد و أن يطلب من ألعبادي الذي هو وليد و نتاج عملية المحاصصة التي تقودها الأحزاب الفاسدة باعتراف السيستاني أن يحارب المحاصصة التي تقودها الأحزاب الفاسدة التي أنتجته كرئيس وزراء و محاربة الفساد الذي سببته أحزاب السلطة التي أنتجت ألعبادي. و الاحتمال الثاني و هو الأقرب للواقع أن تصريحات السيستاني هذه تأتي في سياق الانتهازية وذر الرماد في العيون و محاولة الإيحاء لأبناء العراق المتظاهرين انه معهم و يدعم مطالبهم في حين أن القارئ اللبيب يرى أن تصريحات السيستاني في جمعة اليوم 7/8/2015 هي عملية التفاف و تحريف لمطالب المتظاهرين لصالح الأحزاب الفاسدة كونه يطالب بمعالجة الفساد من خلال نفس أدوات الفساد المتمثلة بالأحزاب الفاسدة في حين أن مطالب المتظاهرين و بعد أن أدركوا الحقيقة توسعت من المطالبة بالخدمات إلى مشروع تغيير جذري و حقيقي يتضمن حل الحكومة والبرلمان و عزل جميع مكوناتها عن الحياة السياسية القادمة و إبعاد المؤسسة الدينية عن التدخل في شؤون الدولة و تأسيس مشروع الدولة المدنية و هو ما حملته هتافاتهم و شعراتهم في بغداد و ألبصره و الناصرية و كربلاء و النجف وباقي المحافظات . تلك النظرة الساذجة و السطحية و الانتهازية للسيستاني قابلتها نظرة حقيقية و واقعية و موضوعية للمرجع الصرخي أشار إليها خلال مشروع الخلاص قبل شهرين بتاريخ 8/6/2015 حين حدد أن الحل يتمثل بحل الحكومة و البرلمان و عزل جميع مكوناتها عن الحياة السياسية القادمة و تشكيل حكومة كفاءات (تكنوقراط) و برعاية أممية وعربية و التأسيس لمشروع الدولة المدنية التي تحترم خصوصية الشارع العراقي الدينية والاجتماعية و عاد ليؤكد هذه الحقيقة في بيانه بتاريخ 2/8/2015
بخصوص تظاهرات الكهرباء حينما أعلن دعمه و تأييده لمطالب الجماهير و دعاها إلى أن تكون مطالبها اكبر من الكهرباء بل و اكبر من ملف الأمن و الخدمات و أن لا تقتصر على معاناة ابن الوسط و الجنوب بل أن تشمل معاناة أبناء المحافظات الغربية ليكون هدفهم وطنيا و إنسانيا و دعاهم إلى تكون تظاهراتهم نحو مشروع التغيير الحقيقي و ليس التغرير و الانتهازية التي ستسلكه أحزاب السلطة و المؤسسة الدينية و أشار إلى ذلك بقوله في نفس البيان ((أنا معكم معكم معكم في الخروج بتظاهرات من أجل التغيير الحقيقي الجذري وليس من أجل التغرير والإبقاء على الفساد والفاسدين ، وإلّا فالقعود والسكوت أوْلى وأرجَح . قبل الخروج بتظاهرات وطلب الحقوق والتغيير إسألوا أنفسَكم مرّات ومرّات ومرّات أنَّكم هل ستتراجعون وتسكتون وتتجرَّعون المرَّ والفسادَ والفاسدين والقتلَ وفَقْدَ الأعزاءِ والخرابَ والدمارَ فيما لو صدرت فتوى تُلزِمُكم بالسكوت والخنوع والقبول بالظلمِ والضَّيمِ والفسادِ والمفسدين ، كما صدرت سابقاً منهم فتاوى مماثلة وأطعْتم وسكتّم فدمَّرْتُم وأهْلَكْتُم أنفسَكم وأهليكم وشعبَكم ووطنَكم ؟!!وفي الختام يا أبنائي وأعزائي وأحبابي أنصحكم ونفسي : يجب أن تَعلَموا وتتيقَّنوا أنه مع الجُبْنِ والخنوعِ والتبعية وعبادةِ أحبار ورهبان وفراعنة الدين ومع عدم التغيير فإنَّ الأمورَ تسير من سيّءٍ إلى أسوأ وأسوأ))