لا يختلف إثنان على إن المظاهرات حق مشروع كفله الدستور والقانون العراقي؛ بعد سقوط النظام البعثي، ونحن كمراقبين في هذا المجال أول المؤدين لهذا الأمر والداعمين له، حيث إن المظاهرات التي نشهدها هذه الايام في العاصمة بغداد، وباقي المحافظات الجنوبية؛ ومما لا شك فيها قد تقف ورائها وتمولها جهات فاشلة، من أجل حرفها عن مسارها الصحيح، وجعلها بدل المطالبة بالخدمات إلى إسقاط الحكومة، والتعدي على مقام المرجعية الدينية.
فقد شاهدنا عدة لافتات رفعت في مظاهرات بغداد والنجف الأشرف تحديداً؛ حيث صبت جم غضبها على المرجعية الدينية والقوى السياسية، التي حذرت من إنتخاب الذين أخفقوا بقيادة المركب السياسي، وتحميل هؤلاء المسؤولية بدون وجه حق؛ وكل الشعب يعلم إن المرجعية ليس لها ناقة ولا جمل في الكابينة السياسية، إلا دورها الاشرافي العام ونصائحها للقوى السياسية جميعاً، وحثهم على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين، وتحسين الوضع المعيشي للطبقة الفقيرة والمعدومة، والغاء حالة الطبقية بين فئات الشعب.
لم ننسى قبل عاماً من الأن وتحديداً قبل الإنتخابات النيابية، التي جرت في العراق عام 2014، والتي بح فيها صوت المرجعية الدينية المنادية بالتغيير والإصلاح السياسي، وتغيير الوجوه الكالحة التي لم تجلب الخير للعراق والمجرب لا يجرب، ولم تكتفي المرجعية بالمشافهة، بل أرسلت كتب ووصايا للمتصديين بالتنحي عن السلطة، وفسح المجال أمام الأخرين لكي يتسنى لهم أخذ دورهم لقيادة المركب السياسي، الذي خرمه اولئك الذين شككوا بحيادية المرجعية ونزاهتها، من أجل إدامة سلطانهم.
إن هؤلاء الفاشلين الذين أسقطوا ثلث مساحة العراق بيد داعش؛ وأدخلونا بأزمات سياسية وطائفية وقومية، وعشنا ما يقارب العقد بعزلة دولية، عادو من جديد هذه الايام في وسط المظاهرات المطالبة بتحسين الخدمات، يتهمون المرجعية الدينية بانها هي التي أوهمتهم بإنتخاب الفاشلين، ويلقون باللائمة عليها من أجل خلط الأوراق، وجعل جرائم سبايكر وبأدوش وسقوط خمسة محافظات وسرقة ميزانية العراق، وإنهيار إقتصادي وسياسي وأمني كلها طي النسيان؛ ويأملون تفصيل مرجعيات جديدة تتناسب مع توجهاتهم الشخصية وحسب الطلب.
لقد” حذرتنا المرجعية وإنتخبنا السرسرية”؛ لابد أن يكون هكذا شعارنا في المظاهرات القادمة، لكي نبين للعالم إن المرجعية الدينية أول من حذرت من إنتخاب الفاسدين والفاشلين، ووصفتهم بوجوه كالحه والمجرب لا يجرب. الخ، ومعظمنا تجاهل هذه التوصيات وعاد إنتخاب هؤلاء، الذين هم سبب الفساد والفشل الكبير في مؤسسات الدولة، والتأثير الفاضح اليوم على اداء الحكومة الحالية من خلال فرقة المستشارين” الشيطانية”، التي كانت ومازالت تدير الأمور من خلف الكواليس، وأيدتها العقول المتحجرة التي صدقتها وكذبت المرجعية الدينية.