نستمر في هذه الحلقة الرابعة من سلسلة مقالاتنا عن كتاب الادب الروسي والعالم العربي بعرض اسماء العراقيين التي جاءت في ذلك الكتاب, ونتوقف هنا عند اسم اديب عراقي كبير هو شاكر خصباك , حيث تحدثت المؤلفة في ص.444 حوله باعتباره – ( قاصا وروائيا وكاتبا مسرحيا ), وهو تحديد دقيق وصحيح بلا شك , ثم اشارت الى كتابه بعنوان تشيخوف , الذي صدر في بغداد عام 1954 , وذكرت الميرا علي زاده العنوان الثانوي للكتاب وهو – دراسات ونصوص , وان هذا الكتاب قد صدر لمناسبة الذكرى الخمسين لوفاة تشيخوف , ثم تذكر بعض عناوين تلك النتاجات التي ترجمها خصباك بالعربية اولا ثم بالروسية كما جاءت عند تشيخوف ومنها قصته الشهيرة , التي ترجمها خصباك بعنوان – ( النطاٌطة) , وهي ترجمة لم تتكرر عند المترجمين العرب الآخرين فيما بعد , والتي استقرت الان هكذا – (الطائشة او اللعوب ), على الرغم من انه يمكن القول ان ترجمة خصباك هي الترجمة الحرفية وبالتالي هي الاقرب الى نص تشيخوف, اذ ان ( الطائشة او اللعوب ) هي تسمية مجازية وتفسيرية من قبل المترجمين العرب ليس الا وتحمل وجهة نظر عربية بحتة , وصحيح ان هذه الترجمة تتناغم مع مضمون القصة ولكنها تبتعد عن تسمية تشيخوف الطريفة والتي صاغها بالروسية وفق روحيته الابتكارية ( ان صحٌ التعبير ) لعناوين نتاجاته , والتي تحولت فيما بعد الى تعبير سائر محدد المعنى في اللغة الروسية المعاصرة . وتذكر المؤلفة ان شاكر خصباك اطلق على تشيخوف صفة ( الكاتب الانساني العظيم , الذي كان هدف حياته خدمة الانسانية ) وهو اختيار موفق جدا من المقدمة التي كتبها خصباك لكتابه ذاك . ويتكرر اسم خصباك في ص,477 في ذلك الكتاب عندما تشير المؤلفة الى مقالتي حوله والتي كانت بعنوان ( شاكر خصباك وتشيخوف ) . لا تشير المؤلفة الى ان هذا الكتاب هو الاول في العراق
حول تشيخوف ولا كونه الكتاب الثاني بالعربية حول تشيخوف بعد كتاب نجاتي صدقي عن تشيخوف وكل ذلك يمتلك اهمية تاريخية بالنسبة لموضوعة الادب الروسي في العراق والعالم العربي بلا شك, ولكن يمكن القول ان حديث المؤلفة عن شاكر خصباك بشكل عام جاء في اطار من النظرة العلمية والموضوعية تجاه هذه الشخصية الادبية العراقية الكبيرة .
الكاتب التالي الذي نود التوقف عنده في هذه الحلقة هو أنور شاؤول , الذي جاء اسمه في ص.109. ذكرت المؤلفة اسمه في اواسط تلك الصفحة باعتباره مترجما لقصة غوركي (ليلة الخريف) ( عنوانها عند غوركي مٌرة في الخريف ) في مجلة – (الحديث ) التي كانت تصدر في مدينة حلب السورية وذلك في عام 1936 , ثم تكتب في هامش اسفل تلك الصفحة سيرة حياته بشكل وجيز جدا وغير متكامل بالمرٌة , ولا تشير المؤلفة في تلك السطور الى اهمية هذا الاديب العراقي بالنسبة للقصة العراقية ومسيرتها ولا باعتباره واحدا من روادها ولا لدوره بالنسبة لموضوعة الادب الروسي في العراق و لا تتطرق الى دور مجلة (الحاصد ) بالذات و التي اسسها انور شاؤول واشرف على تحريرها والتي بقيت تصدر في بغداد من سنة 1929 الى سنة 1938 , و هي مجلة ثقافية رائدة ترتبط باسمه وجهوده طوال تلك الفترة والتي نشرت الكثير من ترجمات الآداب الاجنبية بالنسبة للعراقيين و للعرب, والادب الروسي كان طبعا من ضمنها. ان أنور شاؤول واهميته الفكرية يستحق بلا شك انارة اوسع و نظرة اعمق في هذا الكتاب مما جاء عنه هناك .
نتوقف الان عند ص. 155 , حيث جاءت هناك مجموعة من اسماء العراقيين ومنهم – ادمون صبري وعبد الرزاق الشيخ علي وخليل حسني . تتوقف المؤلفة عند ادمون صبري (1921- 1975 ) , والتي تسميه ( الاديب والكاتب المسرحي ) وتذكر انه جاء الى الادب في تلك السنوات بتأثيرمن الادباء الغربيين ( كما كان يقول هونفسه ) ومنهم الادباء الروس مثل غوركي وتشيخوف وغوغول وتولستوي ودستويفسكي , وانه قد تعرٌف
على نتاجاتهم عبر اللغتين العربية والانكليزية ,ولكن الباحثة لا تتحدٌث كيف حصل هذا واين انعكس هذا التأثير في نتاجاته , وكيف يمكن اثبات كل ذلك …الخ هذه النقاط المهمة جدا عند اطلاق مثل هذه الاحكام والاستنتاجات الكبيرة عن تأثير الادب الروسي على ادمون صبري , وتبقى هذه الاستنتاجات عائمة دون جواب محدد في تلك السطور عنه , ويتكرر هذا الموقف بالنسبة لادمون صبري في ص.441 حيث تذكر المؤلفة تأثير تشيخوف على نتاجاته ونتاجات بعض الادباء العرب بشكل عام دون اي مثل محدد ودقيق بهذا الخصوص , على الرغم من الهامش الذي يأتي في نهاية الصفحة حول ضرورة العودة الى ما كتبه الباحث الروسي تشوكوف في عدة كتب ودراسات له حول ذلك .
تنتقل الباحثة بعدئذ الى رواية غوركي ( الام ) وتكتب ان اسم هذه الرواية موجود عند بعض القصاصين العراقيين ومنهم عبد الرزاق الشيخ علي في قصته بعنوان – ( كان ما كان ) التي صدرت عام 1959 , وتشير الى ان احد ابطالها كان معجبا برواية غوركي ( الام ), وهذا كل ما جاء حول عبد الرزاق الشيخ علي , وتشير الى اسم عراقي آخر هو خليل حسني وتذكر انه اصدر كتابا لمكسيم غوركي بعنوان ( حياتي ) , وان هذا الكتاب قد أصدرته دار نشر تسمى ( مكتبة المنار ) وانه يخلو من الاشارة الى سنة الاصدار , دون تعريف بهذا المترجم , والذي يؤسفني ان اقول بانه غير معروف من قبلي ايضا . ان كل هذه المعلومات المبسٌطة و الوجيزة والعامة جدا تبدو مرتبكة وغير متناسقة بشكل جيد ولا يمكن اعتبارها تسجيلا موضوعيا وعلميا متكاملا ودقيقا لموضوعة الادب الروسي في العراق , وانها بلا شك بحاجة ماسة الى التوسع في المصادر و اضافة التفصيلات المعمقة والامثلة المحددة لاغناء هذه المواد وجعلها اكثرواقعية و اقناعا ومنطقية . واستمرارا لوجهة النظر هذه وتأكيدا لما اريد قوله هنا حول هذا الموضوع الكبير – من وجهة نظري – اود ان اتوقف قليلا عند اسم عدنان سليم (ص.309), والذي اسمته المؤلفة – ( الكاتب
العراقي المعاصر والناقد الادبي والمترجم ), وكتبت هامشا حوله في اسفل تلك الصفحة , وهو واقعيا ليس كاتبا عراقيا معاصرا وليس ناقدا ادبيا طبعا , وربما يمكن تسميته مترجما في اطار العلاقات العراقية – الروسية الرسمية , اذ انه عمل في السفارة العراقية في سبعينات و ثمانينات القرن العشرين . لقد وصل عدنان سليم من العراق الى باكو عاصمة أذربيجان في الاتحاد السوفيتي آنذاك هاربا مع عائلته من انقلاب 8 شباط 1963 الاسود باعتباره يساريا متطرفا , ثم انتقل ( بالتدريج!!) للعمل مترجما في السفارة العراقية بموسكو ايام فاضل البراك في السبعينات ( والحليم تكفيه الاشارة !!) كما يقول المثل المعروف , وحصل على الشهادات التي تذكرها المؤلفة في هامشها بنفس الصفحة 309 كما اشرنا اعلاه , وهي كانديدات ناووك (دكتوراه فلسفة) عام 1981 ثم دكتوراه ناووك (دكتوراه علوم ) حول تورغينيف عام 5198 , قبيل انهيار الاتحاد السوفيتي ( مستغلا – كما هو حال الكثيرين من (المتدكترين !!)- الوضع المعروف الذي كان سائدا آنذاك بما فيها اصدار اطروحته عن تورغينيف بكتاب بالروسية ) , ثم اختفى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي , ولا اعرف مصيره ولا اين هو الان , ولم يترك اي أثر فكري في مسيرة الثقافة العراقية داخل العراق او خارجه , ولهذا فان تسميته بهذا الشكل والكلام عنه في هذا الكتاب ليس دقيقا ابدا .