يعتقد أغلب الساسة أنهم فوق القانون، ومفروضون وفق نظرية الحق الإلهي، وما للمواطن سوى الدعاء، وسمحوا بالمسير مشياً الى أبواب الحوائج؛ في النجف وكربلاء، واللطم على مظلومية إمامهم، وعليهم العيش مظلومين لا ظالمين؟!
إتضح أن الأحلام قبل 2003م؛ ماهي إلاّ أضغاث، وخليط من أمنيات، وهروب من واقع بسيل من التضحيات.
إعتقد العراقيون أن الموبايل والستلايت، والإنتقاد العلني والتعدد الحزبي هو أول الأمنيات، وستجعلنا التكنلوجيا في قرية العالم، وبيت العراق؛ بإختصار مسافات الأخطار والإنفجارات، ولزاماً أن تتصل أو تبعث رسالة أيام العيد.
وجدت في منتصف أول يوم العيد كم من الرسائل والإتصالات، وحرصت على رد الرسالة بالرسالة والإتصال بمثله، ومع أول إتصال بصديق إعلامي، سأل عن تأخر الرد فأجبته: كنا في صلاة العيد وتأخرنا بالسلام على السيد عمار الحكيم.
إنتفض صديقي وترك حديث العيد متحولاً الى البصرة، ولم يسمح لي بالتفوه، وتحدث عن المظلومية وفساد المسؤولين، حتى صار يزايدني على مدينة أعتقدها شريان العراق، وأتمنى أن تكون عاصمة إقتصادية، وقبل أن ينتهي رصيد العيد، قلت: أنا لست أبن عم المحافظ أو زير النفط، ولا علاقة لي بوزير الكهرباء والموانيء، وليس من عشيرتي المنكوبة أحد المقاولين، ولا أملك من العراق سوى مستمسكات اربعة، اثنان منهما حصلت عليهما بعد 2003م.
تعبأ صديقي بالبارود، ولم يسمح لي بطرح أسئلتي وبراهيني، التي تقول أن الكهرباء مشكلة مركزية، وهناك تظاهرات في بابل وكربلاء والنجف، وأغلب المقاولات والعقود الحالية للمحافظات والوزارات؛ أبرمت في الفترة السابقة، مع مقاولين فاسدين، وحال شركات نفطها كما في الناصرية؛ إذْ لا يتم التعيين إلاّ بتأييد شيوخ الإسناد، ومعظم العاملين من خارج المحافظة، أو مواليين للشيخ وجهته السياسية؟!
لم أختلف مع صاحبي على مشروعية مطالب البصريين؛ في الكهرباء والخدمات والتعيين في شركات النفط، ولم أرتضي مثله بأن يعمل أبناء الجنوب حمالين في الأسواق، ويموتون جوعاً والعراق يتغذى على خيراتهم، ويُحمى ويُحفظ بدمائهم، ولم يسأل صديقي الإعلامي عن حاجتنا لتوحيد الخطاب، وماذ محور خطبة العيد، ولماذا بدأ السيد عمار الحكيم بمخاطبة أنصاره غير عادته، ثم الحديث عن القضايا السياسية المحلية والإقليمية؟!
أن ما جاء في خطبة العيد مفصلي وصريح للعملية السياسية، بعد أن أصبح كثير منا يسير كالأعمى خلف الإشاعة والتسقيط، وصار بعضنا يدافع عن الفاسد والفاشل والإنتهازي، وقد أشار الحكيم بخطابه، بوجود السلبيات والإيجابيات، وبعضهم يستخدم وسائل لا أخلاقية للحصول على مكاسب وقتية، وعليهم تقبل الإنتقاد البناء ورفض الإبتزاز، وعدم المزايدة مع المزايدين والتأزم مع المأزومين، والجهاد في سوح القتال واجب شرعي ووطني، وبعضهم لديه حساسية مفرطة من تياره، وأوصى عدمم الإنجرار وراء الى الصراعات الجانبية، والقضية كبيرة تتطلب رجال بحجم المسؤولية، والصبر على التطاول، ورغم الإيمان بالعراق الموحد، سجل تحفظاته على تجاوزات تستهدف العقيدة والوطنية.
أضاف الحكيم أن بعض الساسة يهربون من مشاكلهم الحزبية والقومية، ويحدثون شرخاً في الثابت الوطني، وعليهم المواجهة بشجاعة وإيجاد الحلول داخليا، دون الإختباء خلف شعارات طائفية، وأما التحالف الوطني، لم يلمس فيه جدية حسم القضايا، وتحول الى قبائل سياسية متناحرة، والقرار رهينة قوى لا تدرك حجم التعطيل، وتأثير الإعتياش على الأزمات، ومثلما يواجه الإرهاب بقوة وصلابة، فأن الفساد والبيروقراطية والإقصاء السياسي والتعيين بالوكالة؛ سبب رئيس في خراب المؤسسات.
يُقال أن الأحلام 10% من النبوءة، أو إنها خليط لهواجس، تدور بين الماضي والحاضر والطموح.
حلمت كأني بمأدبة عشاء أُعدت لخيرة المجاهدين، فجلست الى جانب أسترخي وأستحضر كلمات تليق ببطولاتهم، وإذا بالسيد عمار الحكيم الذي كان يرعى الإحتفال، يمشي ومعه أحد الوزراء، فسلم وأنتهزتها فرصة؛ لإحراج الوزير أمام الحكيم فقلت: الحمد لله الذي أعطاني فرصة كي أسلم على وزير أول مرة بحياتي، وتكابرت عن قول: أنك وغيرك عندما أصبح في هرم السلطة؛ نسيتم مواطنيكم ووعودكم ومن تسلقتم على أكتافهم، ولست محتاج لسلام وكلام الوزير بدون فعل، أستقيضت بعودة الكهرباء بعد ثلاثة ساعات من الإنقطاع، وشعرت بالبرودة؛ لأني من الواضح كنت نائماً بدون غطاء ( مكشّف)، وحلمي من الأضغاث لا يُفسر؟!