إذا ترك العبد التصرفات من عنده، وسلم حكومة أمره ووجوده الى الخالق، كان ذلك لطفاً إلهياً لا يضاهى بثمن، لأنه يعني العزم والتوكل، على البارئ عز وجل في كل شيء، والتفويض إليه بالأحكام، والفرائض والعبادات، وبمقدمتها الصلاة كونها عمود الدين، ومتراسه وأساسه، فلا فائدة ترجى من إرث الشيطان، الذي يغرر بالمؤمن، لينسى موعد صلاته، ولقائه بالملك القدوس، ليتصور أن الراحة في قتل ساعات الفراغ، إنما يكون بمشاهدة المسلسلات المدبلجة، أو المبالغة في متابعة مباريات كرة القدم، وتهيئة أجواء الهدوء والسكينة في البيت، لغرض الإستمتاع باللقاء النوراني الأسطوري، وبالنجوم والمشاهد الخلابة.
نمتلك من العقل والنضج والإستعداد، ما يضعنا في مراتب القداسة، لأننا أصحاب رسالة سماوية، هي ختام الرسالات والأديان، ومن المفترض إمتلاكنا، لثقافة خطابية منبرية متميزة، نؤثر بها على الغافلين والمتكاسلين، عن أداء فروضهم العبادية، ولا نخاف فيها لومة لائم، لذا يجب التعامل مع مسألة الإتيان بالصلاة في أوقاتها، بأنها ضرورة ملحة جداً، والتعاطي مع المكلفين بها، وفق رؤية صريحة هادرة، ولا نسمح بالتماهل او التساهل، لأنها العمود الذي تقف عليه أعمال الإنسان، فكلنا ندرك أن الصلاة، إذا قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رد ما سواها، وهي الكتاب الموقوت للمؤمنين.
بين النوم واليقظة، هناك أشباح تسكن الأجساد، لتؤدي الصلاة بدلاً عنها، فيلاحظ أن النفوس قلقة، والأرواح تائهة، دون شعور قدسي، في حضرة العزيز الجبار، وتبدو حركات المصلي، وكأنها طقوس رياضية ريائية ليس إلا، وهذا يعني فقدان الإتصال، بالرحمن الرحيم، والإبتعاد عنه كلما نزغ الشيطان في أروقة أجسامنا، وعجل بنا الى النسيان، وهو إستخفاف بقيمة العبادة والمعبود، وطريق تارك الصلاة، جهنم وبئس المصير، لأن الويل (واد عميق في الدرك من النار)، للمصلين الذين عن صلاتهم ساهون، فمجتمع بلا ثقافة دينية رصينة، يؤدي الى نشوء جيل متأرجح، بين الحق والباطل، والحلال والحرام.
الغافل عن أهمية الصلاة، يمثل الكوميديا الأكثر بؤساً في العالم، لذا فإن أعلى مراتب الخسران، عند الإنسان المسلم، هو الإقتناع بصورة العبادة الحركية، بقشورها الظاهرية، مع تشتت الخواطر، وكثرة الموانع الدنيوية، دون تأدية الفريضة، بحقها، وإستحقاقها، والحرمان من بركاتها، وكمالاتها، التي توجب الغفران، والرضا من الخالق، بثواب أخروي، ومن الناس بتقدير آني، ولو أن الأخرة خير وأبقى، فهي مفتاح السعادة الأبدية، والطريق نحو جنات النعيم، فيا أيها المكلفون: تحرروا من حب النفس، والحياة والدنيا، وهذا ما أعجبني في كتاب، للإمام الخميني (قدس سره)، حول الألطاف الإلهية، في قيام الصلاة بتمامها.