علمٌ من أعلام البصرة المعطاء فقدناه… مسيرةٌ نضالية وابداعية طويلة.
اخاله ، وهو في لحظات حياته الأخيرة في المشفى ، كان يكتبُ، أو يهذي بما تركه في بيته ولم يُكمله بعدُ. كم قرأ، كم كتبَ، كم كُتُبٍ اقتنى، يُفضّلُ شراءها على رغيف خبزه ، كم شجّع اناساً على الكتابة وأنا منهم.
في محلة الخندق في البصرة وُلد وعاش فيها، كما ولدتُ وعشتُ ، فيها سُجن ، فيها أحبّ ، فيها تزوّج غادةً من جميلات البصرة، قريبة ً لي. رغد وريّا وأحمد أولادُه، احتضنتهم الغربةُ كما اختارته غربةٌ أخرى.
كنا نزورهم بلا موعد، يزوروننا بلا موعد، وهل بين الأهل مواعيد؟ هذا ما كان : تأريخٌ سطّرناه في قلوبنا. اليوم حتى المواعيدُ ضاعت. هو في بلجيكا، رغد في الأردن، والآخران في الامارات.
ما لكَ ياعراقُ.. غدوتَ فقيراً حين غادرك العلماءُ والمبدعون.. أغتنتْ بهم المنافي ، وبخلتَ أنت حتى على توديعهم.
حين وافاني نبأ رحيلك يا أبا أحمد نسيتُ أنّني أنا.. تركتُ طعامي على النار يطهو نفسه وغادرتُ شقتنا، أقفلتُ بابها ونسيتُ كلّ شيء. تجولتُ وأنا المُتعبة لعلي أهدأ قليلاً ، بعد ساعتين عُدتُ.. سيارةُ
الحريق أمام بيتي والناس تترقبُ مجيئي ، أصابني الخرسُ، هنا تذكرتُ طعامي ولم أتذكرك ،لأنني لم أنسكم يوماً .