اثار الاتفاق النووي الذي وقعته ادارة اوباما ودول الغرب مع ايران حول برنامجها النووي العسكري المثير للجدل ،نقاشا واسعا وجدلا في الاوساط الرسمية والإعلامية والسياسية ،لما تضمنته بنود الاتفاقية من غموض وضبابية وتضليل للرأي العالمي،جعلت ايران (وأذنابها في المنطقة)، تحتفل احتفالا جماهيريا كبيرا وتعتبره (نصرا تاريخيا) على( الشيطان الاكبر)، مضللة بهذا النصر المزعوم الشعب الايراني ،فيما استقبلت الحكومات العربية التوقيع بشيء من الريبة والنقد الخجول ،او بالترحيب الملفوف بالوجل(كالسعودية)،عن طريق سفيرها في واشنطن ،فيما هاجمه بندر بن سلطان هجوما على الاتفاقية،وهكذا بقية الدول العربية، اما الغربية فهي تعرف قبل غيرها ما تخفيه هذه الاتفاقية وأسرارها الخفية على مستقبل البرنامج النووي ،من خلال المفاوضات التي اجرتها طوال اثنتا عشرة سنة مع ايران،وقيل الكثير عن الاتفاقية ونشرت الصحف مقالات وأراء محللين وسياسيين بين مؤيد ومتخوف ومتشائل،وشامت،نحن نستعيد بعضا من رؤية تحليلية سياسية،ورؤية مستقبلية عن كيفية التعامل مع البرنامج النووي قبل وبعد الاتفاقية،وماهي النتائج التي ستترتب عليها الاتفاقية،وهل التوقيع على البرنامج النووي الايراني هو نصر تاريخي لإيران ام نقمة تاريخية لها ،وهل هي صفقة تاريخية ام صفعة تاريخية لها ،هذه الاسئلة الساخنة هي التي تدور في الاوساط السياسية الرسمية منها والاجتماعية ،وتثير الجدل من خلالها حول الاجوبة التي دائما ما تكون قاصرة عن فهم طبيعة الاتفاقية وتوقيتها وأهدافهما ،وآثارها السياسية على المنطقة عموما وعلى ايران وحكامها بشكل خاص،هنا اسهاب وشرح عن ما ورد في المقالة من الاسئلة الملحة الحاضرة في حياتنا السياسية،فالاتفاقية سياسية بالدرجة الاولى ،وجاء توقيتها متزامنا مع تصعيد خطير لانهيار الاوضاع السياسية والأمنية في اكثر من بلد عربي ،كان لإيران دور سلبي فيه ،ويد خبيثة لتخريبه وتدميره،أو مما نسميه في العراق التمدد والتوسع الايراني،ويسميه الاعلام العربي والحكومات العربية بالهلال الشيعي الايراني،وضمن مشروعها الذي بدت واضحة ملامحه في العراق وسوريا ولبنان واليمن (المشروع الكوني الديني الايراني الصفوي).
وحينما اخذ يشكل خطرا على المصالح الامريكية وسياستها ومشروعها العسكري في المنطقة ،ويسحب البساط من تحتها (وهو الذي يتخادم معها في العراق) ،إلا ان ظهوره في اماكن اخرى جعل من التسريع بإنهاء ملف البرنامج النووي الايراني العسكري ضرورة ملحة لأمريكا ولدول الغرب في اتفاقية تاريخية،خاصة بعد بروز (ظاهرة تنظيم الدولة الاسلامية-داعش) ،وخطرها على الامن والسلم العالميين كما تقول أمريكا وهي تدعمه في العراق وسوريا كما تدعم الميليشيات الايرانية المسماة الحشد الشعبي ،وقيام داعش بتفجيرات واسعة في اوروبا وغيرها ،تستهدف المصالح الامريكية والغربية(تفجيرات فرنسا واحتجاز الرهائن ،والقاهرة قنصلية ايطاليا وغيرها في اماكن لمصالح غربية وقنصليات وشركات ومدارس وغيرها الكثير)،اذن الاتفاقية جاءت لتلبية عدة مصالح في ان واحد،منها مواجهة البرنامج النووي الايراني المثير للجدل ،والذي يهدد الامن ألعالمي حسب تصريحات ادارات امريكا والغرب ،ثم ظاهرة تنظيم داعش وخطره الآني على المصالح الامريكية والغربية في المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام،وهكذا تم توقيع الاتفاقية بعد مفاوضات مضنية وقاسية ومعقدة جدا مع ايران امتدت لسنوات وإيران بدهائها وعنادها المعهودين تسوف وتناور وتضلل العالم كله،وبالرغم من ان الاتفاقية وقعتها ايران(مرغمة وخانعة خاضعة ذليلة)،قدمت فيها تنازلات مهينة جدا للمفاوض الامريكي والغربي ووقعت بنودا سرية جدا ،إلا انها تتظاهر بان التوقيع كان انتصارا ايرانيا تاريخيا،دعونا نقول انه ،تاريخي ،لأنه فعلا(تاريخ فاصل) بين عهدين،عهد ما قبل التوقيع وعهد ما بعده(تذكروه جيدا)،لان ايران لم تصح بعد من نشوة (النصر المزعوم)، ستصحو بعد اسابيع أو اشهر عندما تدخل اللجان التفتيشية الى مفاعلاتها النووية العسكرية الحساسة كما يعجبها ان تصفها،ولم تبق اللجان اية مفاعل او مواقع مشبوهة دون ان (تفليها )،كما فعل الملعون(سكوت ريتر رئيس لجان التفتيش ) في العراق،فإيران وقعت اتفاقية تنص على الموافقة على تفتيش كل المفاعلات النووية العسكرية منها والمدنية بلا استثناء وفي اي وقت كان،دون ادنى اعتراض على ما تقوم به هذه اللجان ،التي ستتكون من مفتشين من اجهزة المخابرات الامريكية والغربية ،ثم ان الاتفاقية كما هو معلن لم ترفع العقوبات دفعة واحدة(كما اصر المرشد الايراني)،وإنما على مراحل وفي بداية العام القادم،وكذلك اطلاق الاموال الايرانية المجمدة ستكون ايضا على مراحل لمدة ثمانية اعوام(تكون المفاعلات فيها في خبر كان)، وتوريد الاسلحة لإيران سيكون بإشراف لجان الامم المتحدة والدول الخمسة،هذه القرارات الاممية التي وقعتها ايران مع امريكا والدول الغربية فماذا جنت ايران من الاتفاقية ولماذا تهلل وتضلل العالم باحتفالاتها المزيفة ،غير الضحك على ذقون الشعب الايراني المسكين،اذن هي اتفاقية مهينة لإيران بكل معنى ألكلمة بل وصفعة تاريخية موجعة لها ،ولحكامها المتشدقين كذبا وزورا بالشيطان الاكبر امريكا التي وصفت ادارتها الاتفاقية بالصفقة التاريخية ،وأردف اوباما في خطابه يوم امس مهددا ومتوعدا ايران بعمل عسكري،اذا اخلت ببنود الاتفاقية ولم تنفذ بنودها بدقة،وهذا يعني ان ايران سقطت في فخ امريكا والغرب دون ان تدري،وقد اعمى بصيرتها التمدد وعنجهية القوة الفارغة قبل ان يخدرها الغرب وأمريكا وتوقع الاتفاقية بلية وضحاها،اوباما يلوح ايضا ويهدد الكونغرس الامريكي باستخدام(الفيتو) اذا رفض الاتفاقية او استخدام صلاحياته الدستورية التي تبيح له التملص من اعتراض ورفض الكونغرس على اية قرارات لا تعجبه،وهذا ايضا جزء من توريط وتهديد ايران التي فضل مرشدها الخامنئي ان يرفض الكونغرس الامريكي الاتفاقية ،كي يمضي قدما في برنامجهز
لاسيما وانه اطلق قبل يومين تهديدا فارغا(للشيطان الاكبر ومحرضا طلابه على القتال ضد امريكا)، إلا انه وقع الاتفاقية في اليوم الثاني،فأي دجل هذا الذي يمارسه حكام طهران ،في تعاملهم مع امريكا وغيرها،وهي محور الشر العالمي وراعية الارهاب الاول مع امريكا في العالم،انها ازدواجية المعايير ،التضليل السياسي والإعلامي الذي تستخدمه طهران مع الشيطان الاكبر،في تتعامل مع القضايا العربية بصلف ودجل مفضوح،العرب الخاسر الاكبر من هذه الاتفاقية ،وهذا سبب فرح ابران واحتفالاتها به ألا وهو اطلاق يدها في المنطقة ،وتمددها في الدول العربية ،وإبقاء نفوذها العسكري والديني في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان،وإبقاء تهديدها المباشر للدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية والخليج،لتخويفه من البعبع الايراني،الذي كشفت جبنه،عاصفة الحزم العربية بقيادة السعودية والتحالف العربي،وقصقصت اجنحتها واذرعها في اليمن ،وبها انحسر وتوقف النفوذ الايراني في المنطقة،الاتفاقية كانت صفقة امريكية -ايرانية تاريخية في تقاسم النفوذ في المنطقة وإطلاق يد ايران في التمدد وتنفيذ مشروعها التوسعي الكوني ،مقابل تحجيم برنامجها النووي وليس إنهاؤه ،ورسالة الى تنظيم داعش الذي تدعمه امريكا ضد ايران والمنطقة مستخدمة هذه الاتفاقية لمزيد من الاقتتال والاحتراب بين داعش والميليشيات في العراق وسوريا وإنهاكهما معا،وصفعة تاريخية لإيران لم تصح من دويها لحد الان ……….