-1-
مَنْ منّا لم يسمع القول المأثور :
” كم من صائمٍ ليس له من صومه الاّ الجوع والعطش ” ؟
انه اذن جُهد ضائع وصفقةٌ خاسرة …، لم تتوج بالقبول وكانت كالهباء المنثور …
لا قيمة للعمل مالم يكن خالصاً من كل الشوائب التي تفسده …
والسؤال الآن :
هل حرصنا على تنزيه صومنا من الشوائب ؟
انّ الصيام ليس من الطعام والشراب فقط
انه صيام الجوارح عن الخطايا والمعاصي والذنوب …
أما رأيتم بعض (الصائمين) كيف يتلذذون في نهار شهر رمضان باغتياب اخوانهم ، وانتقاصهم والاستهزاء بهم ؟
-2-
ها نحن نقترب من نهاية شهر الله العظيم ، وهذا الاقتراب من النهاية يُثير العديد من التساؤلات :
هل استطعنا أنْ ننتهز اجواءه العابقة بشذا الغفران، بما يحقق الانتقال والعبور الى الضفة الأخرى ؟!
هل أستطعنا أنْ ننتصر فيه على شهواتنا وذواتنا بشكل حقيقي ، لنطرد الأنانية والاستئثار واللهاث وراء السراب ..؟!
هل تفاعلنا مع كتاب الله المجيد تفاعل المؤمنين الذين يرون خطاباته موجهةً اليهم ، فينشطون لتنفيذها من دون إبطاء ؟
لاتنسوا القول المأثور :
ربُّ قارئ للقرآن والقرآن يلعنُه ..!!
لماذا يلعنه ؟
لأنه يقرأ ويتهرب من التنفيذ فكأنه يستهزئ بآياته ..!!
هل كانت أيام الشهر الفضيل ولياليه مسرحاً لمناجاة الله واستنزال رحمته وبركاته ، واستلهام عونه ؟
هل ذَكَرْنا في هذا الشهر الملتهب، حَرَّ النار فسارعنا الى الابتعاد عنها عبر الورع والاحتراز من الوقوع في المطبّات ؟
هل ذكرنا فيه النازحين والمهجرين عن ديارهم ومعاناتهم الصعبة، فسارعنا لتخفيف الأعباء عنهم ؟!
وماذا عن الايتام والارامل وحاجاتهم المتزايدة لمّد يد العون والمساعدة اليهم ؟
هل كان لنا الشرف الإسهام بشيءٍ من ذلك ؟
وهل فكرّنا بانعاش البائسين والمستضعفين والعاطلين وهم يتضورون فاقةً وحرمانا ؟!
هل وصلنا الأرحام ؟
هل نقيّنا أنفسنا من شوائب الغِلّ والحقد والحسد …؟
هل تورعنا عن البهتان واصطناع الأكاذيب والوسائل الرهيبة في الاساءة الى الآخرين ؟
هل توشحنا بالعفو والتسامح عمن أساء الينا ؟
هل تجاوزنا حدود (الذات) و(والعائلة) في دعواتنا لحظة الانقطاع الى الله؟
هل كان للآخرين نصيب من تلك الدعوات في ظّهْر الغيب ؟
ان أشد ألوان الغَبْن ان يغبن الانسان نفسه بنفسه ..!!
انّ الذين عملوا من أجل أنْ يكونوا من (المرحومين) لا (المحرومين) هم الفائزون .
انهم يتهيئون الآن لاستلام الجوائز .
وليست (الجوائز) ذهبا ولا فضة ولا من العملة الصعبة .
انها الجوائز التي لا تُقارن بها كل الجوائز الثمينة ،
انها جوائز العتق من النار والفوز بالجنة .
فهنيئا للمؤمنين المخلصين والمؤمنات المخلصات بما قدّموا من صالح الأعمال والطاعات .