لقد أشاع اهل البغي وأعداء الانسانية قيم الحقد والكراهية وقتلوا وهجروا وبنو دولة أسسوا دعائمها على البغي والعدوان وشرعوا للباطل في هذا العصر دينا وشريعة وأسلوبا للحياة ، قال هذه الكلمات الامام الخميني في ثمانينات القرن الماضي عند لقائه بحشد من عمال وموظفي وزارة النفط الايرانية .
وقد أثبتت هذه المقولة صدقيتها بالفعل من خلال ممارسة هذه الجماعات الارهابية لأفعالها الاجرامية ، واليوم يعاني العالم أجمع من الارهاب والعراق جزء اساس في تحمل المأساة ، ولكي نفهم تفكير الارهابيين ومشروعهم ونجد تفسيرات لأفعالهم وهي بالتأكيد غير عشوائية نقول .. لقد انبرى مفكريهم وقياداتهم الشرعية في وضع منهاج من خلال حلقات الدرس او من خلال المحاضرات او القاء الخطب التي تلقى على انصارهم ، وقد جمعت هذه المحاضرات والخطب وحلقات الدرس في كتاب سمي ” ادارة دولة التوحش ” الذي صدر في افغانستان بين عامي 2004-2005 م للكاتب ابو بكر الناجي ، وهذا الكتاب تستسقي منه التنظيمات الارهابية استراتيجيتها في القتال والسيطرة على المناطق في اقامة دولتهم واستطاعت ان تؤصل في نفوس انصارهم هذه الافكار والتي هي مأخوذة من كتب حرب العصابات والحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفياتي السابق اضافة لحروب النبي (ص) ضد مشركي قريش وكذلك حروب الردة التي كانت في ظاهرها اقامة شرع الله تعالى .
ونظرية ادارة التوحش هي نظرية عملية اكثر منها نظري وبنيت هذه النظرية على ثلاث تفسيرات ..
الاول / شوكة النكاية والانهاك
الثاني / ادارة التوحش
الثالث / التمكين ( الذي يعني قيام الدولة )
وهذه التقسيمات هي زبدة استراتيجيتهم وهي عبارة عن آلية عمل تقوم بها المجاميع التي يزرعونها باستثمار الظروف الموضوعية التي تعيشها بعض المناطق او الدول والتي يجب ملء الفراغ الحاصل فيها نتيجة الاوضاع الغير طبيعية في تلك الدول من خلال صناعة الفوضى والقتل والتهجير والإفساد .
واذا اردنا ان ماهية هذه التقسيمات وما هي المسؤولية الواقعة على كل فرد من انصارهم وما هو المنهاج الذي تتخذه القاعدة واخواتها من الدواعش ، يجب ان يكون واضحا ان هذه النظرية تقوم على اسس تنظيمية مكتوبة ومدروسة وموزعة على افراد داعش او القاعدة وهذا يعني ان شوكة النكاية والانهاك هو اعداد الانصار لخلق واقع فوضوي مرعب يبنى من خلال الممارسات الارهابية والدعائية وتهيئة مجاميعهم الى لحظة ملء الفراغ في حالة حصوله ومن ثم السيطرة على الاوضاع ولذا فان التنظيم الارهابي ن يكون خطرا عابرا وانما هو استراتيجية تقوا على الالزام بالظهور وممارسة التمهيد عبر بث الرعب للوصول الى مرحلة دارة التوحش ، و في اقل الاحتمالات ان يقوم المنتمي الى هذه الفصائل الارهابية مثلا بضرب رجل دون تشخيص بعصا ثم الفرار لخلق واقع من الخوف .
ومن هنا كانت كارثة احتلال الموصل تحت اطار شوكة النكاية والانهاك حيث بقي التنظيم يعمل عليها دون علم السلطات المحلية او المركزية لعدم معرفة هذه السلطات بعقلية واستراتيجية العدو وبالمنهاج الذي تطبقه التنظيمات الارهابية في اعداد المقاتلين ومن ثم السيطرة على المناطق واحتلالها ساعده في ذلك العملية السياسية الجارية في العراق والتي انتجت العديد من الاخطاء والنزاعات والظواهر السلبية التي لم يألفها الشعب العراقي من قبل ، هذه الملية السياسية التي انتجت قيادات سياسية وهمية فارغة بفعل المحاصصة وهم الى اليوم مازالوا مصرين على اختطاف السلطة والاستيلاء على منافع الدولة والاثراء على حساب الشعب العراقي ما جعل العراق في مواجهة الفوضى المستمرة والتهديد بالتقسيم والفدراليات المستقلة .
ان من تداعيات مرحلة شوكة النكاية والانهاك للتنظيمات الارهابية والتي بثت فيها روح الرعب والسيطرة على الكثير من مفاصل المناطق كان احتلال الموصل العزيز دون مواجهة بمساعدة الخلايا النائمة طبعا ، وهذه الخلايا بالتاكيد ليست نائمة كما يطلق عليها وانما تعمل بهدوء وخطط مدروسة دون شعور السلطات الامنية .
وبعد احتلال الموصل جاءت مرحلة ادارة دولة التوحش وهي المرحلة الخطرة على سكان المناطق او البلدان التي تقع ضمن سيطرة داعش عليها ومن واجبات التنظيم في هذه المرحلة هو التاكيد على القتل والسلب والنهب والسيطرة على جميع ممتلكات الدولة فضلا عن انتهاك وانهب واستباحة دماء واعراض جميع الشرائح والمكونات المخافة لهم في العقيدة والدين والفكر وهذا ما حصل بالفعل في الموصل .
وفي المرحلة الاخيرة وهي مرحلة التمكين ، حيث اقامة الدولة الارهابية وادارتها واقامة الخلافة المزعومة ، وهذه المرحلة تنصب الاستراتيجية على نقطتين هامتين ..
الاولى __ العدو البعيد ( امريكا واسرائيل )
الثانية __ العدو القريب ( الدول والحكومات القريبة من مناطقهم الساخنة ) مثال ذلك العراق وشعبه وحكومة سوريا وشعب سوريا اضافة الى جميع البلدان المجاورة وشعوبها .
ويبدو ان الارهاب كلما تمكن من احتلال منطقة والاستفادة من ثرواتها تبدأ المرحلة التالية بنفس الآلية التي سبق ان ذكرناها في هذا التقرير ، هذه هي استراتيجية داعش في ادارة دولته المزعومة كما سميت من قبل مؤلف كتاب ( ادارة دولة التوحش) .
ونحن في العراق نقول ان على الجميع ان يعي دوره في هذه المرحلة على ضوء ما يفكر ويقوم به عدونا الداعشي ، ومنها على سبي المثال قيام عناصر داعش ببعض الظواهر السلبية في الشارع وأمام اعين الناس او داخل المناطق السكنية وهي تصرفات وأعمال غير بريئة رغم انها تبدو خرف ذلك لانها وكما قلنا تكون ضمن الاستراتيجية التي وضعتها تلك التنظيمات الارهابية في خلق الفوضى الخلاقة ، متوافقين في ذلك مع الاستراتيجية الامريكية في خلق تلك الفوضى مع فارق بسيط ان داعش لا تعترف بحدود البلدان التي قررتها معاهدة سايكس بيكو ، كما ان علينا ان ندفع باتجاه التغيير في العملية السياسية وترتيب اوراقنا السياسية بما يتناسب مع ظروف البلد الامنية وغزارة الدماء التي يريقها شبابنا واطفالنا ونسائنا جراء الجهاد في ساحات القتال وفي العمليات الارهابية للعصابات التكفيرية .