في الطابق العاشر لبناية الضمان , دخل رجل الى المصعد فوجد امرأة في ثوب الحداد , فأستدار يتأملها كأنها ايقضت فيه شيئآ ما ثم ضغط على زر الطابق الأرضي قائلآ :
– أنا آسف لأرتدائك ثوب الحداد , ياسيدتي , الفاضلة , فهو كالعادة يذكرني بشقيقتي الوحيدة التي اقتلعها الموت مني قبل أيام فجعلتني اتصرف وكأن سيطرة ذكرياتها مازالت تجد سبيلها اليّ كلما ارى ثياب الحداد .
أستحسنت المرأة كلام الرجل بإشارة من رأسها للدلالة على قبول أسفه . ثم قالت : “ارجو ان يكون انطباعك حقيقيآ فمن الرجال من هم طيبون وفيهم قلوب نابضة بالوفاء والعاطفة ومنهم من يمتلكون قلوبا من حجر فحسب .
بدت على وجه الرجل ملامح الحيرة فقال في نفسه : ” ليس من شك في هذا ياسيدتي ولكن مبلغ مكافاة الضمان المختبأ في حقيبتك يقلب طاولة النقاش بيني وبينك , وفي مثل هذه الحالة يحس من هم مثلي بالغربة عن ذاته فيكون مرة مغرورا ومرة مشتت الفكر فأعذريني لصفتي الشخصية هذه لأن الخروج من الحرب أحيانآ يجعل المرء يتقلب بأضطراب من حال الى حال فمرة من الصفر واخرى الى الصفر .
راقبت السيدة الحزينة استغراق الرجل وهي تنظر إلى أرقام الطوابق التي تشير الى الطابق الرابع فقالت في نفسها : ” يبدو انه إنسان أصيل , يراعي الاصول بشدة لكنه لايخلوا من حاجته الى من يقف معه ليملأ فراغ شقيقته المتوفاة , وأظن إن هذا حق ملزم لايستطيع التنازل عنه وإلا لِمَ هذا الإفصاح المفاجئ.
وفجأة رنّ هاتف المرأة فردت :
ألو .. نعم .. نعم .. أنه معي ياأبي .. لاتقلق ! ثم أقفلت الهاتف .
تنبه الرجل لمكالمة المرأة فسألها بفضول :
– من فضلك هل أنا المقصود بقولك ” أنه معي ” ؟
فردت المرأة بقلق :
– كلا . ثم أضافت : ” ولِمَ أنت .. فأنا أقصد الكاتم الذي احمله لدرء اولاد الحرام !
تلعثم الرجل في الإجابة قائلا:
– آه .. أنا آسف .. ولكن هل لي , من فضلك , برؤية الكاتم لأرى مسمار الأمان ياسيدتي ؟! ثم أعقب يقول : ” لحسن الحظ فأنا عسكري سابق ” .
أخرجت المرأة الكاتم من حقيبتها لتضعه بيده وعيناها مسمرتان بهيئته وهي تقول:
– تفضل .. ولكن أحذر فهو محشوا !
تناول الرجل الكاتم في لحظة وصول المصعد إلى الطابق السابع وقد بدت على وجهه الصرامة وهو يصوب فوهته نحوها قائلا:
– والآن ياسيدتي اعطني حقيبتك الجميلة ؟!
تسمّرت المرأة مذهولة أمام وجهه الذي تحول إلى شرر , ثم تقدمت نحوه ببطء لتقول له :
– أتظن ان السيدات لم يألفن هذه الحوارات من رجال أمثالك أيها البائس الشقي ؟!
– توقفي وإلا أطلقت لسان الكاتم ! صرخ الرجل .
خطفت المرأة الكاتم من يده وهو يطلق هواء فارغا لحظة وصول المصعد إلى الطابق الأرضي قائلة:
– أتظنني غفوت لحديثك أيها الجبان . ثم ركلته وهي تغادر المصعد .
الكاتم
في الطابق العاشر لبناية الضمان , دخل رجل الى المصعد فوجد امرأة في ثوب الحداد , فأستدار يتأملها كأنها ايقضت فيه شيئآ ما ثم ضغط على زر الطابق الأرضي قائلآ :
– أنا آسف لأرتدائك ثوب الحداد , ياسيدتي , الفاضلة , فهو كالعادة يذكرني بشقيقتي الوحيدة التي اقتلعها الموت مني قبل أيام فجعلتني اتصرف وكأن سيطرة ذكرياتها مازالت تجد سبيلها اليّ كلما ارى ثياب الحداد .
أستحسنت المرأة كلام الرجل بإشارة من رأسها للدلالة على قبول أسفه . ثم قالت : “ارجو ان يكون انطباعك حقيقيآ فمن الرجال من هم طيبون وفيهم قلوب نابضة بالوفاء والعاطفة ومنهم من يمتلكون قلوبا من حجر فحسب .
بدت على وجه الرجل ملامح الحيرة فقال في نفسه : ” ليس من شك في هذا ياسيدتي ولكن مبلغ مكافاة الضمان المختبأ في حقيبتك يقلب طاولة النقاش بيني وبينك , وفي مثل هذه الحالة يحس من هم مثلي بالغربة عن ذاته فيكون مرة مغرورا ومرة مشتت الفكر فأعذريني لصفتي الشخصية هذه لأن الخروج من الحرب أحيانآ يجعل المرء يتقلب بأضطراب من حال الى حال فمرة من الصفر واخرى الى الصفر .
راقبت السيدة الحزينة استغراق الرجل وهي تنظر إلى أرقام الطوابق التي تشير الى الطابق الرابع فقالت في نفسها : ” يبدو انه إنسان أصيل , يراعي الاصول بشدة لكنه لايخلوا من حاجته الى من يقف معه ليملأ فراغ شقيقته المتوفاة , وأظن إن هذا حق ملزم لايستطيع التنازل عنه وإلا لِمَ هذا الإفصاح المفاجئ.
وفجأة رنّ هاتف المرأة فردت :
ألو .. نعم .. نعم .. أنه معي ياأبي .. لاتقلق ! ثم أقفلت الهاتف .
تنبه الرجل لمكالمة المرأة فسألها بفضول :
– من فضلك هل أنا المقصود بقولك ” أنه معي ” ؟
فردت المرأة بقلق :
– كلا . ثم أضافت : ” ولِمَ أنت .. فأنا أقصد الكاتم الذي احمله لدرء اولاد الحرام !
تلعثم الرجل في الإجابة قائلا:
– آه .. أنا آسف .. ولكن هل لي , من فضلك , برؤية الكاتم لأرى مسمار الأمان ياسيدتي ؟! ثم أعقب يقول : ” لحسن الحظ فأنا عسكري سابق ” .
أخرجت المرأة الكاتم من حقيبتها لتضعه بيده وعيناها مسمرتان بهيئته وهي تقول:
– تفضل .. ولكن أحذر فهو محشوا !
تناول الرجل الكاتم في لحظة وصول المصعد إلى الطابق السابع وقد بدت على وجهه الصرامة وهو يصوب فوهته نحوها قائلا:
– والآن ياسيدتي اعطني حقيبتك الجميلة ؟!
تسمّرت المرأة مذهولة أمام وجهه الذي تحول إلى شرر , ثم تقدمت نحوه ببطء لتقول له :
– أتظن ان السيدات لم يألفن هذه الحوارات من رجال أمثالك أيها البائس الشقي ؟!
– توقفي وإلا أطلقت لسان الكاتم ! صرخ الرجل .
خطفت المرأة الكاتم من يده وهو يطلق هواء فارغا لحظة وصول المصعد إلى الطابق الأرضي قائلة:
– أتظنني غفوت لحديثك أيها الجبان . ثم ركلته وهي تغادر المصعد .