قبل عام من اليوم كتبتُ لك يا نُدرة الدهور وفلتةً الازمان التي لن تتكرر ابداً رسالتي الاولى تحت عنوان (رسالة الى ابي علي ابن طالب) وقد اخبرتك في سطورها عن شدة يُتمي وقساوةَ عيشي الذي حلَ بي في عصر الاحزاب الإسلامية .
أبي علي : لا زلتُ أفكر وأتأمل بكل لحظات يومي عن سبب خَلقي و وجودي في زمنٍ ليس فيه علي ابن طالب , فأنا ذلك اليتم المُحتاج لأن أراك لتَضع يَدكَ على رأسه المحني من الصعاب و المشتعلُ شيباً من كثر مصابه .
أنا يا أبي : ذاك الحائرُ غريباُ بين العباد و الجائع في زمن الفساد و المباع بأبخس مزاد .
أبي علي : لا زلتُ أبحث عنك في كل أولئك المُلتحين و المسبحين و الراكعين و المتهجدين , المدعين أنهم علي ابن طالب .
طرقت باب كل حزبٍ اسلامي , و وصلتُ جاهداً لكل سياسٍ مُلتحي , فوجدتك شعارات مرفوعة و أقولٌ منطوقة على شفاههم لخداعي وغيري من الايتام والناس بأنهم أنتَ ,مُتخذيك وسيلة لكسب الانتخابات الديمقراطية !! بعد ان حولوك الى رمزٍ طائفي لهم . وانا أعلم أنك برىٌ منهم ومن كل ما يدعون ويفترون ظلماً و زوراُ وبهتاناً . فأنت كما تغلي في نفسي وروحي ذلك الوطني الشريف الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم , ذاك الذي لا يقدرُ على أن يعصي الله في نملة يسلبها جلب شعير , ذاك الذي لا يفرق بين شيعي وسني
وكردي و صابئي ومسيحي فالجميع عنده سواء . القوي ضعيف في حضرتك يا ابي حتى تأخذ منه الحق , و الضيعف عندك قوي حتى تأخذ له الحق .
لا زلتُ أبكي على صورك الناصعة يا علي : فـ أرامل وايتام اعدائك من القاسطين و الناكثين و المارقين, الذين كانوا يشتموك و يكرهوك و يحقدوك , حتى ليلة طبرِ هامتك الشريفة بسيف ذلك المرادي اللعين لينقطع عن ابوابهم طرقَ ذلك الرجل الرحوم الذي عشقوه و احبوه لمجيئه لهم سراً في عتمة الليل الحالك قائلاً انا لكم ايها الايتام فلا تبكوا , فأدركوا ان من عشقوه و احبوه هو علي ابن طالب قاتل ابائهم , ليخرجوا صارخين مع المعزين بفقدك : من لنا بعدك يا ابانا يا عليّ ..
أبي : أدركنا من جور من جاء باسمك ليملأ الارض فسادا و ظلماً و دماً .
أبي : أجرنا من أولئك الذين سرقوا حقوقنا و امولنا وحولوها ارصدة و مشاريع في الخارج و الداخل .
ابي : أدركنا من مَن باع الموصل و الانبار و تكريت بثمن بخس وشرد أهلها نازحون في البلاد بلا حقوق ولا مأوى كريم .
ابي : أجرنا من مَن سرق بطاقتنا التموينية وصادر طاقتنا الكهربائية و ترك الازبال والاوساخ في الشوارع .
أبي : أدركنا من كل من حزب اسلامي سرق ونهب وافسد في ارضك الطاهرة (العراق) .
أجرنا من زمنٍ خلطت فيه علينا الاحزاب الحق والباطل لتُعمي ابصارنا عن فسادها المتقع .
فهذا العراقُ عراقكَ ونحن عيالك ..
أجرنا يا داحي الباب من سطوة الاحزاب علينا ..