-1-
حين ألّف الراحل الاستاذ ” عزيز السيد جاسم ” كتابه عن امير المؤمنين عليه السلام (عليّ بن ابي طالب سلطة الحق ) اعتُقل ، ثم غابت اخبارُه حتى سقوط الصنم في 9/4/2003 وانكشف انه قد استشهد على يد الطغمة الجائرة التي كانت تحكم البلاد بالحديد والنار ، معتبرة زعيمها (القائد الضرورة) هو رجل الدينا الذي يجب ألاّ يُمجّد غيرُه ..!!
الى هذا الدرك وصلت السفالة بالطاغية العنيد وبزمرته الدموية وأجهزته القمعية …
انهم أعداء الفكر والحرية والموضوعية والمثل والقيم .
وبَدَلاً من تكريم الكاتب وتثمين جهده وإبداعاته ، يَتُمُ تغييبُه عن أهله واخوانه ، وتُطوى صفحاتُ حياته بدم بارد …
انّها الهمجية بأعلى صِيَغِها ..
وانّه الحقد الضاري والتخلف الرهيب …
وانّها الجريمة الكبرى بحق الانسان العراقي المسلوبة حقوقُه وحريتُه وسلامته وكرامته .. حتى لقد صحّ القول بانّ الانسان العراقي هو أرخص السلع في سوق الطغيان والاستبداد العفلقي …
-2-
والآن :
أقرأ ما كتبه مايكل هاملتون مورغن ( Michael Hamilton Morgan) في كتابه (تاريخ ضائع Lost history) عن امير المؤمنين
لتجد هذا الكاتب الموضوعي كيف يُندّد بالسلطويين في العراق الجديد الذين أضاعوا نهجه ولم يستجيبوا لنداءاته .
-3-
انّ لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة قد اختارت امير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) بوصفه أعدل الحكّام في تاريخ الانسانية كلها، استناداً الى كَمّ هائل من الوثائق المكتوبة باللغة الانكليزية .
وانّ الامم المتحدة عمدت الى ما كتبه الامام الى الولاة الذين عينهم في مختلف البلدان على انها من مصادر القانون الدولي المهمة .
-4-
ان من أهم هذه الوثائق العهد الذي كتبه الامام امير المؤمنين (عليه السلام) الى مالك الاشتر حين ولاّه مصر والذي جاء فيه
” وأشعر قلبك الرحمة للرعية ،
والمحبة لهم ،
واللطف بهم ،
ولا تكونن عليهم سَبُعاً ضاريا تغتنم أكلهم ، فانهم صنفان :
إمّا أخ لكَ في الدين ،
أو نظير لك في الخلق “
بهذه النظرة الانسانية الرقيقة – والتي تقطر رأفةً ورحمة – كان امير المؤمنين يدير دَفة الحكم ، ويُلزم ولاته ان يسيروا بالرعية ، بعيداً عن التنمر والتجبر والغطرسة والاستعلاء ..
وتتجلى الروعة حين تكون ” المواطنة ” أساساً لاستحقاق ذلك التعامل الانساني الفريد .
فالمواطن سواء كان مسلماً – تربطه بالحاكم المسلم رابطةُ الدين –
أو لم يكن ، بان كانْ مِنْ دِينٍ آخر ، تربطهُ بالحاكم رابطة الانسانية،
التي تجب ان تُراعى وتصان كما هو الحال مع المواطن المسلم .
انّ عَدَلَ علي (عليه السلام) لم يكن يقتصر على المسلمين وحدهم بل كان عاماً شاملاً للجميع .
وهنا تكمن العظمة …