يتمتع بلدنا بمصدر نفطي كبير ، يجعله في مقدمة الدول المنتجة والمصدرة في ان واحد ، ولولا العقود العجاف التي مرت بنا لكنا في مصافي الدول المتقدمة في تصدير النفط وبأرقام تتحكم في السوق العالمية ، ولكن ما مر بنا من مآسي وويلات جعلته بلداً يعيش على المساعدات ، ونستورد البانزين والنفط من دول الجوار ، بل اكثر من ذلك نشتري قنينة الغاز من الدول المجاورة وكان الدولة العراقية تأسست اليوم ، ناهيك عن استيراد المرطبات والحلويات من الدول المجاورة ، وكان بلدنا لا يملك اي مقومات الاقتصاد الحديثة .
الأزمات كثيرة ، وخصوصا في مجال المشتقات النفطية ، فمرة تقرر الوزارة زيادة سعر لتر البانزين ليصل الى ٤٥٠ دينار العادي ، وسعر لتر المحسن الى ٩٠٠ دينار ، وهي اسعار اذا قورنت بالدول المجاورة فإنها ستكون اسعار جيدة ومدعومة ، خاصة واذا وقفنا على الضغط الكبير الذي يمارسه صندوق النقد الدولي على العراق في ضرورة تغيير سياسته المالية ، وزيادة الرسوم الكمركية على جميع السلع واولها المشتقات النفطية .
القرار الأخير في زيادة سعر قنينة الغاز من ٥٠٠٠ دينار ليصل سعرها الى ٦٠٠٠ دينار كان متوقعاً في ظل التردي الاقتصادي والتقشف الذي اصاب مفاصل الدولة جميعها ، دون ان يصل الى المنطقة الخضراء بكل تاكيد ، بل كنا نتوقع ان يكون هناك تغيير في الأسعار جميعها بدءً من البانزين والذي أتوقع ان يصل الى ٩٠٠ دينار عموماً ، ويشمل جميع المشتقات الاخرى ، وعندما نحلل السياسية التي تنتهجها الحكومة ووزارة النفط تحديداً نجد ان فيها الكثير من الصحة ، لان الوضع الاقتصادي الذي يعيشه في بلدنا يقوم على اساس بيع النفط ليس الا ، دون وحود اي مصدر اخر لميزانية الدولة ، كما ان الدولة في قراءة موازنة اي سنة نجد انها تعطي دون ان تأخذ ، وهذا الشب خطير جدا ، إذن اين تذهب الأموال ؟ ، كما ان عملية الاستخراج والتصفية لمشتقات النفط تكلف الدولة أضعاف ما تبيع به هذه المشتقات ، واذا ما تابعنا مبيعات الوزارة من المشتقات النفطية نجد انها لا يمكن ان تسد قيمة الاستخراج او حتى استيراد المشتقات النفطية من دول الجوار .
لا يمكن الشك في السياسة النفطية المتبعة ، ولكن المشكلة في القرارات المفاجئة الصادمة للمجتمع ، حتى لو كانت بسيطة ، فالزيادة في سعر القنينة وهي ١٠٠٠ دينار لا تعني شيئاً اذا ما صاحبها توعية وتثقيف لهذه السياسة ، لان اي قرار حكومي يمس المواطن يجب ان يحضى بقبول ورضى الشارع والمواطن ، خصوصاً وان الوزير وكتلته حملت شعار “المواطن ” وقدمت برنامجاً متكاملا في تقديم الخدمة للمواطن العراقي ، بل ان التبرير غير منطقي في ان سعر القنينة في المحطة هي ٥٠٠٠ دينار وتباع للباعة ٦٠٠٠ دينار ، اذ يحتاج المواطن الى ان يحلب القنينة بواسطة نقل ، وهكذا صارت “البطانة أغلى من الوجه” .
نعم ومن خلال القراءة والمتابعة لبعض السياسات الاقتصادية لبعض الدول الإقليمية وحتى الدولية نجد ان الدولة تُمارس سياسة تقشفية ليس ضد المواطن ، بل تحاول ان تقف على قدميها وتقدم الخدمة للمواطن ، وخير مثالاً على ذلك ما تقوم به بعض دول الاتحاد الأوربي من سياسات تقشفية صارمة في سبيل مكافحة الافلاس التي تعاني منه هذه الدول .
اعتقد ان على الوزارة ان تقدم تبريرات لهذه السياسية وتعمل على تثقيف المجتمع في ان الدولة مهما كانت مواردها لا يمكنها ان تقف لوحدها دون مساندة ودعم مواطنيها ، فهي عملية “اخذ وعطاء” ، وان كنت مع خصصة قطاع النفط والصحة والكهرباء والتجارة ، لانها ترهق كاهل الدولة ، وتمنع اي فساد في مفاصلها ، كون هذه الوزارت مرتع الفساد والمفسدين ، لهذا يجب ان يكون هناك عمل إعلامي متقن وتثقيف الجمهور على اي خطوة او سياسية تتبعها الحكومة لتكون هناك ارضية في تنفيذها وتطبيقها ، دون ان يكون هناك مواجهة بين المواطن وبين الحكومة .