في ردة فعل امتازت بالازدواجية من المجلس الأعلى تجاه التظاهرات القائمة في العراق منذ شهر تقريبا بخصوص ملف الكهرباء و الخدمات بشكل عام و التي تطورت للمطالبة بالتغيير الحقيقي حيث نجد أن المجلس الأعلى كان له موقفين متغايرين تماما في نفس الوقت فعلى مستوى تمثيله السياسي في البرلمان فإنه أعلن البارحة بأنه رهن إشارة السيستاني و تطبيق توصياته في خطبة الجمعة البارحة و أعلن وضع كل السلطات التنفيذية لأعضاء كتلته (كتلة المواطن) تحت تصرف ألعبادي لتنفيذ توصيات السيستاني المؤيدة و الداعمة للتظاهرات ومطالب المتظاهرين كما دعى إلى عقد جلسة طارئة لمجلس النواب لتدارس آلية تنفيذ مطالب المتظاهرين التي أوصى بها السيستاني .
لكنه ومن جانب أخر و على لسان خطباء الجمعة التابعين له و هم قياديين في المجلس الأعلى أمثال صدر الدين القبانجي و جلال الدين الصغير نجد له وجهة نظر مغايرة تماما وصلت إلى حد الإساءة للسيستاني نفسه ,فبالرغم من التأييد الظاهري و المعلن من السيستاني للتظاهرات و لجمعتين متتاليتين نجد أن القبانجي يعتبر أن التظاهرات تقودها جهات تريد تغير الحكم من حكم ديني إلى علماني و لا علاقة لها بالخدمات و إصلاح الفساد في حين أن جلال الدين الصغير ذهب إلى ابعد من ذلك في خطبة الجمعة ليوم 7/8/2015 و هي نفس الجمعة التي أعلن فيها السيستاني توصياته للعبادي لتلبية مطالب المتظاهرين حيث صرح جلال الدين الصغير أن من يحرك و يدير و يوجه تلك التظاهرات هي جماعات منحرفة عقائديا مرتبطة بداعش و البعث و السعودية و هنا فان جلال الدين الصغير يوجه علنا” تهمة الانحراف العقائدي للسيستاني كونه يعتبر أول و اكبر جهة داعمة و مؤيدة ظاهرا للمتظاهرين كما يتهمه بالجهل و عدم المعرفة و الدراية بمن يسير تلك التظاهرات و نفس التهمة يوجهها جلال الدين الصغير إلى الآلاف من نخب العراق و كفاءاته من محامين ورجال قانون و مهندسين و أطباء و إعلاميين و فنانين و رياضيين و أكاديميين و منظمات مدنية كانت حاضرة وموجهة للتظاهرات .و هذه ليست المرة الأولى التي يهاجم بها جلال الدين الصغير شخص السيستاني فسبق له و في محاضراته الأسبوعية حول ما يسميها القضية المهدوية أنه صرح علنا” و أمام الملاء أن دجال سجستان الذي ذكر في الروايات الخاصة بأحداث أخر الزمان هو السيستاني. كذلك فان جلال الدين الصغير نظر للتظاهرات من زاوية عقائدية دينية طائفية بحته في حين أننا نعلم أن من خرج في التظاهرات هم طبقات مختلفة التوجه الديني و المذهبي و العقائدي و السياسي و الفكري لغرض المطالبة بقضية خدمية لا علاقة لها بالعقائد كما أن جلال الدين الصغير لم يوضح لنا العقيدة الحقة التي يتبعها و على أساسها يبين فساد عقيدة المقابل .
لذا نجد انه على المتظاهرين و نخب وكفاءات العراق المشاركة فيها أن تأخذ الحيطة و الحذر في التعامل مع يصدر من قيادات المجلس الأعلى لأنها بالنتيجة مواقف انتهازية وليست مبدئية بل تنطلق من مبدأ ركوب الموجه و كسب المصالح الذاتية و أنه بعيد عن مصلحة الشعب و البلد بعد المشرقين.