تعتبر أطروحة ولاية الفقيه بسياقها العقائدي من أخطر التهديدات المحدقة بشعوب المنطقة و هذا التهديد يکبر أکثر کلما مر الزمان و ان الاحداث و التطورات أثبتت هذه الحقيقة و أکدتها في العديد من دول المنطقة.
أطروحة ولاية الفقيه ومع بعدها و عمقها الطائفي، أثبتت الاحداث و التطورات من أنها لاتشکل تهديدا للدول التي تتواجد فيها الطائفة الشيعية، إذ أن الاهداف و الغايات التي حددها المشروع الفکري ـ السياسي لنظام ولاية الفقيه أبعد من ذلك بکثير، وحتى يمکننا القول وبکل ثقة و إطمئنان من أن طهران تستغل الشيعة العرب کمجرد وسيلة من أجل الوصول الى غاياتها و أهدافها ولذلك من الخطأ الفاحش إعتبار الدول العربية التي لاتتواجد فيها الطائفة الشيعية بأنها لايشملها تهديد نظام ولاية الفقيه انما هو أمر في غير محله و أبعد مايکون عن الصواب.
التدخلات الايرانية و العبث الذي جرى في المغرب و السودان و مصر و الاردن و غيرها، جاءت تماما بهذا السياق مع الاخذ بنظر الاعتبار أن التمدد و التوسع الايراني الى اليمن، کان أخطر تمدد و توسع من نوعه لأنه کان”ولايزال”يهدف للسيطرة على منطقة إستراتيجية تمنحه القدرة على التمدد و التوسع بأکثر من إتجاه، ومن الواضح أن عملية”عاصفة الحزم”، قد جاءت لأن دول المنطقة قد أدرکت تماما جدية الخطر المحدق بها و ضرورة أن تأخذ بزمام المبادرة قبل أن يفوت الاوان.
نظام ولاية الفقيه الذي بنى اساسه على أطروحة دينية غريبة و شاذة و غير قابلة للفهم و الاستساغة حتى من جانب معظم علماء الشيعة، يسعى لإستغلال غطاء الاطروحة الدينية من خلال بث التطرف الديني و إشاعة الارهاب وإستغلال الظروف و الاوضاع المتداعية عن ذلك لفرض الهيمنة و النفوذ، ونرى حاليا أن أخطبوط ولاية الفقيه يمد أذرعه بمختلف الاتجاهات وان هذه الاذرع ستتفرع منها أذرعا أخرى لو بقي الحال على ماهو عليه الان، وان الامر کما يبدو بحاجة لمواجهة عملية جدية و حاسمة، وبإعتقادنا أن العلاج الامثل يجب أن يکون و يبدأ من إيران نفسها.
التطرف الديني المفعم بالارهاب والذي أتى به نظام ولاية الفقيه، لايمکن إعتباره يمثل رأي و إرادة و توجه معظم الشعب الايراني، فقد أثبت هذا الشعب خلال إنتفاضة عام 2009، رفضه الکامل لسياسة التوسع و التمدد و التدخلات في دول المنطقة وحتى أن شعار(لاغزة لا لبنان روحي فداء لإيران)، قد کانت بمثابة صفعة بوجه النظام و رفضا قاطعا لسياساته المشبوهة على حساب شعوب المنطقة و الشعب الايراني نفسه.
إذکاء روح الرفض و المقاومة و التصدي بوجه نظام ولاية الفقيه، مهمة أخذتها منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة و التي تعتبر أبرز و أهم و أکبر تيار في المقاومة الايرانية على عاتقها، وهي قد دأبت طوال 36 عاما المنصرمة على دحض و تفنيد الاسس و الرکائز الفکرية المتطرفة للنظام و التأکيد على أنه لايمثل الاسلام الحقيقي الذي “کما تٶکد المنظمة”، لايمکن أن يحرض على العنف و الکراهية و الاقتتال وانما وعلى العکس من ذلك تماما يدعو للمحبة و السلام و التعايش و التآخي بين الشعوب و المکونات و الاطياف المختلفة.
إدراك و وعي منظمة مجاهدي خلق لخطورة الافکار و المبادئ الهدامة لنظام ولاية الفقيه على إيران و المنطقة، قد دفعها لکي تعمل جاهدة على بث و نشر أسس و منطلقات الاسلام الديمقراطي التسامحي المٶمن بالتعايش السلمي و الدعوة إليها من أجل کبح جماح النهج الفکري الخاطئ للنظام و الحد من إنتشاره، وان ماقد أکدته الزعيمة الايرانية المعارضة مريم رجوي، خلال المٶتمر الاخير الذي عقدته المقاومة الايرانية في الثالث من تموز الجاري في باريس، قد أوضح الخطوط الاساسية لنهج الاسلام الديمقراطي التسامحي الذي تدعو إليه منظمة مجاهدي خلق، والاهم من ذلك أن السيدة رجوي قد حاججت نظام ولاية الفقيه بالقرآن و السنة النبوية و أثبتت بأن الاسلام برئ من نهجهم المتطرف الدموي التوسعي.
السيدة رجوي في خطابها الذي ألقته في المٶتمر المذکور قالت وهي تحاجج نظام ولاية الفقيه:( وإذا راجعنا القرآن الكريم الذين نرى الرسالة الحقيقية للإسلام:
ألم يقل القرآن : لا إكراه في الدين؟
أليست رسالة الإسلام هي الرحمة والخلاص؟
ألا تبدأ سور القرآن الكريم بـ«بسم الله الرحمن الرحيم»؟
أليس الإسلام دين التسامح والعفو؟
ألم يعف الرسول الكريم (ص) أعداءه في فتح مكة وألم يعرض في المدينة ميثاق الأخوة والتعددية؟)، ولهذا فهي تستنتج بأن(ما يقوله الملالي الحاكمون في إيران أو أبناؤهم العقائديون من أمثال داعش وبوكو حرام هو ضد الإسلام وشرك مطلق.)، والحقيقة أن القيمة الاعتبارية لهذا الرأي الذي يعتد به، يأتي من کونه رأي إيراني أي إن بإمکانه أن يشکل أفضل أساس للتأثير على النهج الفکري للنظام بإتجاه تغييره، ولهذا فإن دعم و تإييد هذا النهج يخدم السلام و الامن و الاستقرار في المنطقة و العالم.
رفض و عدم قبول أفکار و مبادئ و نهج نظام ولاية الفقيه يتطلب في المقابل أفکارا و مبادئ بديلة تعوض عنها ولذلك فقد کانت رجوي واضحة أشد الوضوح عندما أکدت على تلك الافکار و المبادئ حينما قالت و بثقة کبيرة بنفسها و تلك الافکار و المبادئ:( وبصفتي امرأة مسلمة إذ أؤكد على ضرورة فصل الدين عن الدولة وباسم جيل نهض منذ خمسة عقود للدفاع عن الاسلام المحمدي الحنيف بوجه التطرف والتطرف أعلن ما يلي:
1 ـ اننا نرفض الدين القسري والإجبار الديني، الحكومة الاستبدادية تحت يافطة الاسلام وأحكام شريعة التطرف، وتكفير أصحاب الرأي الآخر سواء كانوا باسم الشيعة أو السنة هي ضد الاسلام والسنة المحمدية السمحاء.
2 ـ من وجهة نظرنا فان جوهر الاسلام هو الحرية؛ التحرر من أي نوع من الإجبار والتعسف والاستغلال.
3 ـ نحن نتبع الاسلام الحقيقي أي الإسلام المتسامح الديمقراطي؛ الاسلام المدافع عن السلطة الشعبية والاسلام المدافع عن المساواة بين المرأة والرجل.
4 ـ نحن نرفض التمييز الديني وندافع عن حقوق اتباع جميع الديانات والمذاهب.
5 ـ اسلامنا هو التآخي بين كل المذاهب. الصراع الديني والفرقة بين الشيعة والسنة هو ما فرضه نظام «ولاية الفقيه» لاستمرار خلافتها اللااسلامية واللاانسانية.).
اننا نرى الحاجة أکثر من ضرورية و ملحة لإيران يحکمه هکذا نهج مسالم لأن ذلك وکما هو واضح و جلي يخدم مصلحة کل شعوب المنطقة بما فيه الشعب الايراني نفسه. [email protected]