شكل ما حصل يوم الجمعة الفائت من تفجير دموي في أحد مساجد الشيعة في الكويت مفاجئة كبرى ليس لنا نحن العراقيون ( بحكم الإرهاب اليومي الذي تعودنا عليه منذ أكثر من عشر سنوات ) بقدر ما شكلته تلك الحادثة المروعة للكويتيون اولاً ومن ثم باقي شعوب دول الخليج ، فها هو الإرهاب يضرب قلب الكويت الآمن المستقر ، في رسالة قد أجاد أيصالها من يقف خلف هذا الهجوم والتي مفادها يتمحور في أولا ً (انه لا مكان آمن في المنطقة وان الكل يقع تحت مظلة الاستهداف الداعشي) وثانيا (أشعال فتيل الأزمة الطائفية في أكثر بلدان الخليج استقرارا وتعايشا أجتماعيا بين مكوناته المذهبية ) . وهنا نتسائل بعد حصول هذا الحادث الدموي هل تدرك القيادة الكويتية حجم المؤامرة المرسومة ؟ وهل ستعيد النظر في سياساتها في موضوعة الأرهاب وسبل مكافحته ؟ فالكل يعلم ان الكويت جزءاً مهماً من المنظومة الخليجية التي تمسك بزمامها مملكة آل سعود وقد انساقت الكويت للأسف وراء الكثير من المؤامرات والمخططات التي نسجتها الاصابع السعودية بدءً من فتاوى التكفير وصولاً الى دعم الجماعات الارهابية المسلحة في العراق بعد عام 2003 وانتهاءً بدعم المعارضة السورية المسلحة، وتعزيز صفوف الجماعات الجهادية ماليا وعسكريا واعلاميا، فالكويت بشقيها الشعبي والرسمي، كانت من الدول التي قدمت الكثير من الدعم للجماعات الاسلامية المتشددة التي تقاتل لإسقاط النظام في سورية ، فهل أنقلب السحر على الساحر ؟ الاجابة “نعم” كبيرة للاسف، فمن يلعب بالنار تحرق اصابعه، وها هي نيران التشدد الاسلامي الجهادي تصل الى عمق الكويت والسعودية ، ولا نستبعد وصولها في المستقبل القريب الى باقي دول الخليج أوالاردن ولربما تركيا ، فـالدولة الاسلامية تملك مشروعا دمويا دقيق المعالم، يستند الى ايديولوجية تقوم على التمدد وإرهاب الخصوم ورفع راية الخلافة ، والرد على هذه الايديولوجية لا يكفي ببيانات الإدانة والإستنكار والشجب بل من خلال تكاتف كل الجهود الإقليمية وخلق رؤية موحدة إزاء إستئصال هذا الطاعون المسمى (داعش) .وهنا أود أن أسجل إستغرابي من حالة الدهشة التي تسود الأوساط الخليجية الرسمية والشعبية تجاه تفجير مسجد الإمام الصادق وحالة التعاطف المزورة والكاذبة تجاهه من قبل البعض، فبالأمس القريب جدا كان الشيعة رافضة وصفويين وأبناء متعة، وبعدما حصل في الدمام والقطيف ثم مسجد الإمام الصادق في الكويت أصبح هؤلاء أخوة في الدين والوطن بعد أن كانوا كفرة مجوس، انه النفاق الديني في أبشع صوره وأشكاله. فداعش ماهو إلا نتاج للدين المزيف والطائفية المقيتة، والذي حظي بدعم ومباركة كل الحكومات الخليجية ، والآن يتباكى الكثيرون منهم على هذه السياسات ، فهم و داعش يقفون في نفس الخندق الطائفي الحاقد على من يخالفهم في الرأي والعقيدة. لذا أعتقد ان الدولة الإسلامية تشكل الخطر الأكبر على دول الخليج والمنطقة بأسرها، وهذ ما يحتم على العقلاء من ساسة الخليج أن يعوا هذه الحقيقة التي لا مناص منها ، فتفجيرات الكويت والدمام والقطيف مُدانة بالتأكيد ولكن من هو مُدان ايضا، أولئك الذين وفروا الحاضنة السياسية والاعلامية والمالية والعسكرية لهؤلاء المنحرفين فهم مسؤولون أيضا وعليهم أن لا يدفنوا رؤوسهم في الرمال، رافضين رؤية الحقيقة بأبعادها الكاملة وليعلموا ان آفة الطائفية وباءً يدمر البلدان ويمزق الشعوب ولا بد من خلق البديل الديمقراطي التسامحي القائم على العدالة الاجتماعة والحوار مع الآخر، والتعايش معه على اسس المساواة، وفي اطار سيادة القانون من أجل لم شمل أبناء الوطن الواحد حتى يعيش الجميع بسلام كما الامم الاخرى تعيش بسلام ونشاطر بقية الأمم في سباق العلم والمعرفة بدل جز الرقاب من على شاشات التلفزة وحرق الناس في الاقفاص وأكل أكباد الضحايا، آملا ً أن لايكون هناك تفجير قادم كي لانرى نفاقاً دينياً مرة أخرى.