أحد المستشرقين بعد بحثه في كتب التاريخ التي تناولت فترة حكم الامام علي (ع) في خلافة المسلمين وقيادته للسلطة وهي مدة حملت بين طياتها أروع القيم الإنسانية التي حفظت ثوابت الإنسان وكرامته وميزة الحق من الباطل ,وجد أن هنالك بيت للإمام لا يوجد فيه باب ,وهل يعقل ان يكون شخصاً مثل سيد البلغاء بيته لا باب له ؟وهو رمز المروءة والحمية وينظر الناس ما في داخل بيته دون خجل وحياء ,وبتعبيرنا الدارج يعني البيت (دشر),في حين أي شخص لا يقبل ان يكون مسكنه بيته وداره لا يحتوي على باب وجدران وشبابيك للحفاظ على خصوصياته من تسلل الأنظار لحرمته,لكن الإمام فعلاً كان له بيت ليس فيه باب ,لكنه ليس بيت عائلته الذي يضم أولاده الحسن والحسين وزوجته البتول الطاهرة ,وإنما كان بيت خصصه لأستقبال ظلامات الناس المظلومين والنظر بمشاكلهم وهمومهم وآلامهم بنفسه دون وسيط لمعرفة للوصول أليه للوقوف على ما يحل بهم والاستماع لوجهات نظرهم وأرائهم,لماذا لم تكن هنالك باب ؟ الباب تعني أن هنالك حاجز نفسي ومادي سيمنع المواطنين من الوصول لعرض ما يقع عليهم من حيث ,والباب قد تكون موصدة في بعض الأحيان ,والإغلاق يعني عدم مجيء من يريد المجيء لعلي ,لم يضع سيد الحكماء مدير مكتب وسكرتير (حاجب ) لأنه يعتقد ان حاجب البوابة سيسقط أهوائه الشخصية وميوله النفسية وستتدخل علاقاته الاجتماعية والعاطفية بمن يريد اللقاء به ,كان هو يستقبل الناس وبأختلاف عناوينهم وهوياتهم ,ويحل معضلاتهم ومعوقاتهم ويناقش ويستمع من الآخرين ويأمر بالصرف المباشر لمساعدة المحتاجين كسراً للبيروقراطية ومساوئها ,أوليس هو القائل :{أن خلافتكم هذه لا تساوي عندي شسع نعل الا أن أقيم حقاً أو أدحض باطلا },أن الباب تحمل رسائل ومعاني ودلالات كبيرة وعظيمة لرؤساء وسلاطين وملوك وأمراء وكل من يجد نفسه مسؤولاً عن مواطنيه الذي وضعوا ثقتهم به وانتخبوه وأوصلوه لبيت السلطة ,ليجد فيه وسيلة لقضاء حوائج المحتاجين ونصرة المستضعفين والمحرومين ,وليس باب للتحكم وسد النقص والقصور الذاتي الذي يعيشه وممارسة الذلة والاستخفاف بهم وبمقدراتهم ,الكثير من القادة والمسؤولين المهذبين والمحترمين خسروا مناصبهم بسبب واجهة من كان يمثلهم من مدير مكتب وسكرتير ومعية غير مؤهلة أو من وضع ثقته بهم بغير محلها ,ان التواضع والبساطة ونكران الذات ليس
عيباً كما يفسره البعض ,بل هو قمة في سمو خلق من يعمل بها ,فالممتلئون لا يحدثون الضجيج لأنهم ناجحون والحال ينطبق على الأواني الفارغة التي تحدث الفوضى وهي فارغة,قيمة الشخص المسؤول لا تتجلى بالأثاث الفخم بمكتبه ,أو بنوع الكرسي الدوار من مناشىء عالمية ,بل بعطائه وفكره المتجدد وعلمه وعمله المؤمن به ,وبالحفاظ على ثوابته والمبدأ الذي يعتقد به ,دون النظر الى المكتسبات وموكب السيارات المصفحة ,بل الولوج لحياة الضعفاء وتبرئة الذمة أمام الله وخصوصا ان اغلب الموجودين في السلطة يدعون الانتماء لخط علي وخط علي ليس حكراً على أحد بل يحتاج لسلوك فعلي بقدر ما يحتاج لسلوك نظري .