معركة وترلوو ما بين نابليون والقوى المتحالفة ضده , حصلت في يوم 1861815 , أي قبل مئتي عام بالتمام.
نابليون الذي يعلن عن نفسه أينما تذهب في باريس , لايزال رمزا مؤثرا ومنتصرا رغم هزيمته , وقد تألق قائدا فذا متميزا ما بين 1804- 1815 , لكنه لم ينهزم ولم يأفل وهجه وتخبو قوته وقدراته, القيادية , وخلد في ضمير التأريخ كبيرا.
وفترته تذكرنا بالحروب العنيفة ما بين الدول الأوربية , وكيف أنها مضت في صراعاتها التي ختمتها بالحرب العالمية الثانية المروعة , لكنها إستيقظت وأدركت أن لابد من تغيير نهج التفاعل والتواصل , حتى تجسد بالإتحاد الأوربي , الذي ألغى أي مسعى لحرب.
وتحتفل هذه الدول اليوم بالذكرى المئوية الثانية , لمعركة غيّرت مسيرة التأريخ الأوربي , ووضعت أسسا لإدراك جديد.
والعجيب في الأمر أن القائد الذي إنهزم في هذه المعركة عاش منتصرا , والمنتصر على هامش التأريخ , مما يعني أن خسارة معركة لقائد بقدرات نابليون القيادية والإلهامية , لا تدمر صورته الأصيلة المترسخة في وعي الأجيال.
نابليون , الذي يعرفه كل الناس الذين جاؤا من بعده وذهبوا , وبقي متفاعلا مع الوفود البشرية القادمة للسعي فوق التراب.
فلماذا خلد حيا نابليون , ونسي غيره؟
هل لأنه عبّر عن قدرات اللاوعي البشري الساعية للبطولة والإنغراس في ضمير الزمن؟
أم لأنه أكد سلوكا ثوريا جديدا حفز ما فينا من طاقات كامنة وتطلعات متطامنة , لا نعيها ولا ندركها؟
لكن الدرس الذي علمه نابليون لأوربا , أنه ألغى مفردة مستحيل من معاجم لغاتها , فأنجزت ما لم تتمكن من إنجازه قبله!!
نابليون فجّر الطاقات الأوربية والبشرية , وثوّرها وحمّسها للتغيير وإمتلاك مهارات صناعة الحياة , كما أنه أثبت لها بأن الأمم والشعوب لا تكون إلا بقائد يلهمها العزة والكرامة والبطولة.
فهل تعلمنا من نابليون أهمية الروح القيادية المشيّدة لكبرياء الوجود الوطني؟!!