23 ديسمبر، 2024 10:53 م

عام على أسر حبيبتي

عام على أسر حبيبتي

نقلني الزمن, الى مكان كانت فيه الخطوة الاولى نحو الامل, الذي يتمناه كل شاب, عاش مراهقته بين براثم الخوف والعسكرة وتصرفات حكم الغاب.

بدأت مسيرتي من ذي قار, كنت أظن أن خطواتي أحداها في الجنة والاخرى في النار, تتقادفني المراهقته مابين الخوف وتساؤلات كثيرة, وهل سأكون منسجماً مع أعراف وتقاليد تلك الديرة.

لم يكن عمري حينها سوى عشرين عام, أمتزجت بالحياء والخجل وأمنيات ساقتها الى مخيلتي الاحلام, لم أكن أتخيل بأنني سوف أتعرف عليها في يوم من الايام, حتى أيقنت بأن الحب يأتي من غير ميعاد.

تنفست هواء عبيرها, وأحببت ضحكتها وعويلها, أخذتني بعيداً جداً عن عالمي الحقيقي, وأصبحت في عيني كالجمال الدمشقي, حتى أصبحت لا افارقها, ولا يبعدني عنها سوى أشتياقي لوالدتي.

الا أن القدر كان أكبر من عشقي, أبعدها عني وأبعدني, تلاقفتها خفافيش العتمة السوداء, وقتلت فيها كل الاحبة والاصدقاء, وأطفئت فيها كل المصابيح التي تنير طريق الحياة المستقبلية.

ودعت حبيبتي الغافية, على شواطئ دجلة الصافية, لكنها لم ترد علي التحية! لانها أصبحت ضحية, لمجازر يومية, تنفذها القوى التطرفية,حينها تركت فيها دراستي الجامعية.

منذ ذلك الحين, وانا منتظر لكي أرد الدين, لمدينة منحتني الصداقة, والمحبة, والذكريات, التي لاتنسى الا في الممات.

عام كامل, وهي تحت طائلة حكم السفالة, الذين سيطروا على جامعتي, والغابات, وفجروا مكان أستراحتي, عند قبر النبي يونس, وهدموا كنيسة مارلين التي كانت جارتي, تتقاسم الجدار مع غرفتي.

تحلم هي بالحرية, وانا بزيارة كلية العلوم السياسية, التي تخرجت منها ومنحتني الحياة المنهجية, زيارة غاباتها وأشجارها المخملية, التي تأسرت هي أيضاً والبسوها سوادها لكي تجاهد, جهاد النكاح مع الرجال الداعشية.

تيقني ياحبيبتي بأن الصبح ليس ببعيد, ومن سوف يقوم بتحريرك شخص عنيد, صاعداً نحو الامام في أتجاه الشمس, وأعلمي بأن العواصف تجعل من الجذور تتمسك بالتربة, فتصبح أعمق في باطن.