الأشخاص يُقتلون عن طريق الخطأ , وكذلك المجتمعات والفئات والأوطان , والقتل بالخطأ سيتكرر في هذا القرن الطافح الأجيج والمستعر النيران.
فمنذ مطلعه تم الإنقضاض على وطن وقتله بالخطأ , ذلك أن المعلومات التي أدت إلى إتخاذ قرار القتل كانت حاطئة مئة بالمئة , مثلما قتل شرطي قبل أسابيع إنسانا عن طريق الخطأ , فلا تجريم لمن قتل الآخر بالخطأ!
وإن القول بالخطأ دليل براءة وإنصاف!!
وطن مقتول بالخطأ , وشعب يُفتل بما أوجده الخطأ وما توالد من رحمه وتآلف مع مسيرته , فالخطأ يلد أخطاءً والأخطاء تلد الويلات.
ومنذ أن قُتل الوطن ومسيرات عذابه ومعاناته وجراحاته تتنامى , حتى أخذ الذين أخطؤا بقتل الوطن كدولة وكيان , يفكرون بإطلاقة الرحمة لتخليصه مما لحق به من الأوجاع والمآسي والسيئات.
والعجيب في الوطن المقتول أن العديد من أبنائه يتراقصون على جثته ويأكلونه ميتا , ويجتهدون في صب الزيت على النيران للإمعان في محق وجود الإنسان.
بعد أن يوصفونه كما تحلو لهم أهدافهم وتطلعاتهم ومشاريعهم ذات الضلال والبهتان , وهم يسلمون أمرهم للعدوان , ويذعنون لألف شيطان وشيطان يعبث بالوطن المقتول.
الوطن الذي تحول إلى خشبة مسرح تعرض عليها تراجيديا السلوك البشري , ليس تمثيلا وإنما بعروض حية متكررة , ذات بشائع غير مسبوقة وأساليب غير مطروقة , وهي تتوالى بلا إنقطاع وبقدرات تدميرية ودعائية لا مثيل لها ولا أبشع منها.
وطن يندحر فيه كل شيئ , وينتصر فيه الشر وسفك الدماء والخراب والدمار , والإدمان على قتل الإنسان والجيران والشجر والصخر , وما يشير إلى وجوده وتأريخه وملامحه الشخصية.
فهل حقا أن الوطن قد قُتِلَ خطأً أم عن قصدٍ مع سِبقِ الإصرار؟!!