منذ صعود ” حزب العدالة و التنمية ” في عام 2002 و حتى الان , اخذت تركيا تمارس دوراً على اساس العودة للعثمانية, المنهارة على ايدي الانكليز في الحرب العالمية الاولى, و كأن عظمة الاتراك لا تُبنى و لا تكون الا بالحرب, والتدخل في شؤون الدول التي تقل عنها في القوة والامكانيات.
اليوم, ولاول مرة منذ اعتلاء هذا الحزب السلطة في تركيا, خَسِر الانتخابات البرلمانية العامة, والنتيجة بدأت تتضح قبل ساعتين من اعلان النتائج رسمياً, فان حزب العدالة والتنمية خَسِر الاغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها منذ 13 عاماً .!
أعلنت وكالة الاناضول للأنباء, نتائج الانتخابـــــــــات التركية, حيث جاء فيها حصول حزب العدالة والتنمية %41.59, وحزب الشعب الجمهوري 25.22%, وحـــزب الحركة القومية 16.75%, حزب الشعب الديمقراطي 11.90%, وهذه النتائج سوف تشكل صعوبة للحزب في تشكيل حكومة ائتلافية, ومعنى ذلك ان تركيا الاردوغانية بدأت بالانهيار و الضعف !
ان هذا التغيير الجذري الذي حصل, ومـــا اّلت اليه النتائج, يجعلنا امام توازنات جديدة في المنطقة, حيث ان حزب العدالة والتنمية قــــــــد لاقى أنكساراً واضحاً, بعدمـــا كان يمني نفسه بالحصول على ثلثي المقاعد, التي تمكنه من تعديل الـدسـتور وبناء الامبراطورية العثمانية الجديدة.
في ضل هكذا نتائج, ان حزب العدالة والتنمية يحتاج الـــــى (15) مقعداً اضافياً, للحصول على النصف لتشكيل الحــــــكومة, وهــــــذا يصعب تحقيقه لــعـــدة اعتبارات وخلافات سياسية .
أن أردوغان مني بأسوأ هزيمة انتخابية, عندما خسر حزبه أغلبيته المطلقة في البرلمان, وصار الآن يبحث عن تحالف مع حزب آخر لتكوين الحكومة الجديدة, إن النتائج تعكس رفض الناخبين لفكرة تغيير الدستور, ومنح أردوغان سلطات أوسع في الحكم.
على الرغم من أن أردوغان لم يكن مرشحا، إلا أن الانتخابات دارت حول منحه سلطات هائلة في الحكم, الا أن استراتيجية فرق تسد التي اتبعها أردوغان، أدت إلى مزيد من الانقسام في تركيا, بل وفي بعض الحالات إلى العنف.
إن هذه النتائج, أسوء بكثير مما كان يرغب فيه اردوغان والحزب الحاكم، وإن هذه الانتخابات هي أكبر تحد انتخابي يواجه حزب العدالة والتنمية منذ وصوله إلى السلطة.
هذه المتغيرات سوف تلقي بضلالها على مجمل الاوضاع في المنطقة, وخاصة في سوريا والعراق, بعد أن كانت تركيا ممراً سهلاً لجميع الارهابيين في العالم, ودعمها العلني والمستمر للمجاميع المسلحة التي عاثت بالارض فساداً.
الحكومة الائتلافية التي اذا ما تشكلت, سوف تأخذ على عاتقها تصليح الاوضاع, والعلاقات المتوترة, التي خلفتها حكومة حزب العدالة والتنمية مع دول الجوار, ونعتقد بأنها سوف تحول تركيا من نظريات العظمة الى الاعتدال.