18 ديسمبر، 2024 11:26 م

هل التطرف مجبول في طباعنا ؟ أم إننا اكتسبناه بسبب ما تعرضنا له من اعاصير متطرفة اجتاحت الجمال والسلام المخبأين في تلافيف نفوسنا لتحيلها إلى صحراء قاحلة ليس فيها سوى الرمال والأفاعي والعقارب ؟ .. ما حقيقة التطرف ، أهو تطرف بالفكر ام بالسلوك ام بالكلام ام بجميعها ؟ …. وهل التطرف يقتصر على البلاد الاسلامية فقط ام انه يمتد في كل ارجاء المعمورة ؟ .. هل فعلا ان العراق يعد من اكثر البلدان التي تأوي التطرف ؟ ام ثمة بلاد أخرى تشبه ما نحن فيه ؟
تساؤلات تفيض مرارة لها أول وليس لها آخر اذا ما اردنا ان نطلق لها العنان .. بيادر من الخيبة والألم والخراب والدمار جنيناها من حقول التطرف ،.. وبطبيعة الحال ان ثمة اسباب منطقية من شأنها ان توفر البيئة المناسبة لنمو التطرف ، في مقدمتها انهيار المنظومة الاقتصادية وانتشار الحرمان الذي يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر والمرض والبطالة وتردي المستوى المعيشي ، فيتم استغلال هذا الواقع من قبل منتجي التطرف من خلال استهداف الشريحة الاخطر والأكبر في المجتمع وهي شريحة الشباب .
وفي سياق الحديث عن بيئة وانتشار التطرف وعندما نتحدث عن واقعنا العراقي الذي اكتوى بنار التطرف بشكله العنيف، فإننا سنكون امام حقائق مرعبة تمتد على مدى اربعة عشر عاماً شهدنا فيها اسوأ وأبشع انواع التطرف العنيف ، فكان اخطر ما حصدناه هو ان بعضنا لم يعد قادراً على استيعاب الآخر ، فضلا عن تلك الموجات من الانتحاريين ، التي لا تمت للواقع العراقي بصلة ، فالفرد العراقي وان كان يحمل شيئاً من التطرف في بعض طباعه الا انه يحب الحياة ، ومعنى هذا ان آلاف الانتحاريين الذين فجروا انفسهم في العراق انما هم ادوات رخيصة لفكر شيطاني متطرف ربما استغل حاجاتهم الحياتية (الاموال – الجنس) وتأطيرها برؤية «دينية» ليتمكن في نهاية المطاف من تطويع هؤلاء الشباب الفقراء الحالمين بحياة وردية وتحويلهم من شباب يعشقون الحياة إلى قنابل بحثاً عن «حياة أخرى اكثر «فرفشة»
السؤال الاكبر الذي يطرح نفسه بقوة ، هل بالإمكان ان نحاصر التطرف تمهيداً للقضاء عليه وصولا لمجتمع خال من التطرف ؟ .. الامر لا يبدو سهلا على الاطلاق لأننا نسير في ارض شديدة الوعورة ، لذلك نحن نحتاج إلى عمليات تنقية لما علق في النفوس من ادران التطرف ..نحن نحتاج إلى تجفيف منابع التطرف ، ليس عسكرياً وحسب ، انما من خلال وضع سياسات اقتصادية واجتماعية وتربوية ودينية وإعلامية نستطيع من خلالها محاصرة «منتجي» التطرف على وجه التحديد .. الكلام وحده لا يكفي فقد سمعنا منه الكثير ، بل ، علينا ان نبدأ بدلا من الاستمرار في لعن الارهاب والتطرف بالكلام والمؤتمرات .. وقد تكون المبادرة التي اطلقها مجموعة من الشباب الاعلاميين يتقدمهم الصحفي الشاب المثابر جعفر الونان بدعم من لجنة الثقافة والإعلام النيابية برئاسة النائبة سروة عبد الواحد .. وحملت هذه المبادرة عنوان (شباب بلاد تطرف) ، تمثل خطوة مهمة تبعث الشجاعة والقوة لدى الاخرين للانطلاق معاً في محاربة الارهاب من اجل مجتمع خال من التطرف ، نبارك لهؤلاء الشباب مبادرتهم المهمة هذه ، وعلى الجميع (سلطات تشريعية – تنفيذية –قضائية – مجتمع مدني – اعلام) تقديم كل انواع الدعم لمبادرة (# شباب –بلا – تطرف).

نقلا عن الصباح الجديد