قلّما يتخطى المحللون السياسيون والخبراء العسكر مفردة ثلث مساحة العراق عندما يصفون محافظة الانبار , ولا يمكن انكار ان هذه المحافظة هي التي استقبلت ((المقاتلين)) العرب في 2003 وكانت لهم خلايا هناك قبل هذا التاريخ ، أيضاً فأن القوات الامنية العراقية في عشر سنوات اكتشفت الكثير من المعسكرات لتنظيم القاعدة ومن بعد داعش وافراخها , كذلك هي المحافظة التي مثلت تجمع (داعش) والانطلاق للقتال في سوريا بالاضافة الى محافظة الموصل ( من جانب العراق ) ، وطبقاً لمعطيات وزارات ودوائر الامن العرقية فأن هذه المحافظة واقضيتها ولاسيما الفلوجة تحتوي مجموعة معامل تفخيخ السيارات التي تستهدف بغداد والمحافظات الجنوبية الاخرى وبالخصوص محافظة بابل واقضيتها ونواحيها ،وثم كربلاء والنجف, وخلال تجربة العنف القاسية التي تعصف البلد وتضعه في عدم استقرار مستديم ، وان عدم القدرة في ضبط الامن ببغداد وهذه المحافظة كان معظمه ناتج وبشكل واضح من فقدان الامكان والقيادة لضبط الملف الامني في مركز المحافظة ( الرمادي ) فضلاً عن الاطراف ومساحاته الشاسعة وبالتالي فان اي افراز وعمل داخل المحافظة اسواءا كان بدراية مقصودة مع جهات خارجية أو داعشية أو لجهالة أو نزق أو بلادة سياسية ، تخلف اداري …فأنها ستكون مهددة لثلث العراق الاخر على اقل تقدير وتضع المجتمع والدولة امام هلاك وفناء البلد , وان مفردة ضياع دولة العراق هو واحدا من خيارات داعش التكتيكية حالياً وكذلك هو هدف استراتيجي لدول السعودية – تركيا – قطر ودول اخرى.
وهو جزء من هدف استراتيجي للولايات المتحدة اوهو مطلب تاريخي واستراتيجي لدولة الكيان الصهيوني. وان هذه المساحات الواسعة الفاصلة في غرب العراق
وهي تشكل هذا التهديد الوجودي لمجتمع وتاريخ وحضارة ومقدسات العراق بحاجة الى مراجعة حقيقية لبناء أمن قومي للعراق في جزئية ( الجغرافيا ) والادارة السياسية والامنية لهذه الجغرافيا وأن اللهث خلف الاجراء الامني البسيط اثبت عدم جدواه وجديته في المعادلة الامنية وكذلك المجاملات والمناكفات والمزايدات السياسية بين الاحزاب وافراد العملية السياسية لم تقدم حلولاً ولم تظهر سلوكاً يطمئن الناس العراقيين ولا حتى الحريصين على عراق الدولة التاريخية من غير العراقيين وقد يرى البعض أو يحاول بأندفاع اعمى أو مدفوع من جهات لا تريد الخير والبقاء للعراق أن تصور تجزئة (( أمن )) الرمادي بأنه انتقاص أو تقسيم أو تجاوز أو فيه اغراض سياسية أو ديموغرافية , وهذه الاصوات عندما تظهر بلا ضابطة المسئولية عليها أن تقدم الحلول المرضية والمطمئنة للجميع وبشكل واقعي وعلمي , لأنه ليس من المعقول أن تقدم مئات الشهداء على تخوم الانبار لتؤمن بابل وكربلاء ومناطق حدودية مع دول الجوار ثم تسلمها الى الحكومة المحلية في الانبار المتوزعة بين واشنطن وعمان والرياض وانقرة وداعش , وكذلك فأن الاصل في العمل هو توزيع خارطة جغرافية تؤمن المواطن اولاً ومن اي طائفة كان وهذا هو الثابت الابرز والأهم ومن بعد يأتي (( الكيف )). لقد اثبتت تجربة السنوات الماضية ان الحكومات المحلية المتعاقبة في الانبار لم تكن في مستوى المسئولية الوطنية ولا حتى الشعبية في المحافظة بأستثناءات محدودة وتم تصفية معضمها من قبل القاعدة وداعش وامريكا وسياسيون .
وأن الفرصة المؤاتية اليوم قد لا تتوفر في وقت اخر وهي فرصة توفر قدر كبير من الارادة والقدرة الوطنية الشعبية في المحافظات المترابطة الحدود مع الانبار , فالعشائر الانبارية الاصيلة التي لم يزرعها العثمانيون والانكليز والوهابيون والتي تقاتل ضد داعش تشعر بالتهديد الدائم قبل غيرها وهي تفتش عن ظهر يسند وقفتها ضد داعش وهذا لم تجده في الحكومة المحلية الانبارية ولا في بعض المناطق الحاضنة التي يسيطر عليها رجال معممون يعملون ادوات لداعش ولا في كثير من السياسيين الذين مثلوا الانبار , ان هؤلاء المقاتلون من العشائر وجدوا الظهر القوي
من مجاهدي ومقاتلي فصائل المقاومة والقوى الشعبية في المحافظات المجاورة لهم الذين قاتلو معهم كتفاً لكتف واختلطت الدماء على الارض وأمنو لهم منصات الوثوب على داعش القذرة .
أقول ان هذه القوى التي دافعت عن الارض والعرض هي التي ترسم الخارطة الامنية والادراية والسياسية في المحافظة وليس مجموعة الافراد المتشرذمة في الخنادق الاسرائيلية والامريكية والداعشية . نعود ونثبت ان التوزيع الجغرافي الذي يفرضه التهديد الامني والسياسي هو لتوزيع ( موارد المجتمع ) في مساحات ارض البلد لحمايته بثبات وثوابت وطنية صلبة لرؤية استراتيجية بعيدة تقطع الطريق على مراهقي السياسة والعابثين بوحدة البلد , وتركيز الجهد الوطني في الجغرافيا الممكنة ولكي يكون خيار تأسيس محافظة جديدة مستقلة ( النخيب ) حيوياً فلابد أن تضاف اليه مساحات من محافظات الانبار وكربلاء والحلة والنجف وتسهيل اطلالته على الفرات والارتواء منها واخرى سياحية تاريخية من عين تمر كربلاء للوصول الى الحدود السعودية وتنظيم المنفذ الحدودي التجاري والسياحي مع المملكة العربية السعودية جنوباً والربط غرباً .