مضت الساعات الاولى من ليلة امس الاربعاء .. ونحن غارقون في الظلام الدامس الا من شيء من ضوء القمر .. بدون بارقة امل في تشريف التيار الكهربائي لنا .. و لم اتمكن من تشغيل المولد المنزلي لنفاذ الوقود .. ومعه نفذت جميع اضوية الشحن الموجودة في البيت .. حتى شعرت ان بؤبؤ عيني قد فتح على مصراعيه من شدة وطول الظلام ، لاستقبال اكبر كمية من الضوء ..
وكان سامري الازلي في هذه الاوقات العصيبة ” راديو ياباني متوسط الحجم نوع سانيو مازال يعمل باخلاص ونقاء عاليين قلما تجدهما في اجهزة اليوم الحاضر !!!.. وانا احاول الوصول الى اذاعة عراقية محلية رصينة تحترم فكري وعقلي متجردة من عقد مالكها الازلية ..
لكن هذا بالطبع غير متاح فتكون مضطرا للاستماع لبعضها .. ثم ما تنفك تسرع للبحث عن اذاعات عربية وعالمية لتسعفنا بما يريح الدماغ من عمليات التسفيه وغسل الادمغة الساذجة .. والهوسة الجوفاء والكذب والتطبيل ..
وليس هذا فقط .. بل التنظير الالهي الذي نزل على الكثير من السياسيين الذين اوصلتهم الصدفة والحظوة الى مالم يكن في حسبانهم في يوم من الايام .. وزاحموا فلاسفة ومفكري العصور الوسطى .. في النظريات والرسالات التي يريدون ايصالها الى المجتمع والعالم بدءا من بسطيات الشوارع التي جاءوا منها مرورا بمكاتب الغش والتزوير التي تخرجوا منها ..وقمامات الزبالة التي اعتاشوا عليها .. ليوصلوا لنا رسالتهم البلهاء ذات الاحقاد والعقد الطائفية والعرقية والعصبية العشائرية والمذهبية بكل لؤم وخسة ..!!
وانا استمع لجناب وسعادة بعضهم كحاكم الزاملي مثلا .. وهو يهدد ويوجه القيادات الامنية والعسكرية والسياسية كونه من خريجي “السانت مريدي” الشهادة التي استحق بها بجدارة رئاسة لجنة الامن والدفاع النيابية ليمارس اختصاصه كشرطي مركز.. ولينتفخ ريشه ضد الشقيقة السعودية لمرور بعض من طائراتها فوق منطقة النخيب الحدودية ليوجه القوات العسكرية بالتصدي لها حال تكرار دخولها الاجواء العراقية ..
هذا جيد وانا احاور نفسي .. ياترى هل سعادة النائب سيعامل الطائرات الايرانية العسكرية التي تمرح وتسرح في ارض العراق من الشمال الى الجنوب .. و بنفس القوة والنفس الوطني .. ام ان الطائرات الايرانية كما يقال المثل عندنا (( من حبال المضيف )) .. واسال نفسي وامنيها ان يقرأ الزاملي كلماتي هذه اذا كان يجيد القراءة او عين اشخاص في مكتبه يجيدونها ليجيبني عن اسئلتي (( البطرانة )) .. لماذا هذا التحامل على الشقيقة السعودية في هذا الوقت بالذات .. وماذا سيحدث لو مرت طائراتها في اجوائنا .. وهل هي عدو لنا ام شقيق .. وماذا تنوي السعودية بهذا العمل هل تريد ضربنا ام احتلالنا ؟؟؟!!!! .. تمنيت لو ناقش هذه القضية مع خبراء السياسة والدبلوماسية ليتعلم منهم بدل ان يظن انه “ابو جاسم لر” رحمه الله ..
ثم استوقني تصريح اخر .. لعنت فيه تلك الساعة التي اوصلتنا الى ان يتسيد علينا من هم اراذلنا
من النائبة عن نينوى ” نهلة الهبابي” شعرت كان قلبها يكاد يطير فرحا وهي تلتقي رئيس الورزاء صحبة بعض نواب نينوى ووهي لاتخفي شماتة مابعد شماتة من اقالة المحافظ اثيل النجيفي وتتوعده بالملاحقة وكانه قاتل ابيها .. ثم تتبعها تغاريد اخرى من عبد الرحيم الشمري و”اللوزينة “عراب دولة القانون اللويزي .. وكذلك السكرتير الشخصي للمحافظ احمد الجبوري .. الذي لولا النجيفي لما وصل الى قبة البرلمان .. ولكنه انتهز الفرصة ووصل الى من هو اقدرمن النجيفي في تثبيته على مقعده في البرلمان .. لينهالوا على الرجل بسكاكينهم العمياء ارضاءا لمن دفع لهم اكثر !!! ولياملونا بما سينتظر نينوى من ازدهار قادم لكون النجيفي كان هو العائق .. وبقي ان يقولوا ان نينوى ستصبح فينيسيا الشرق الاوسط بعده !! .. ولكن حال نينوى اليوم وغدا سيقول عكس مايظنون .. لانهم سيسلموها لمن لايرحم امراءة او طفلا او شيخا كبير .. ولمن لايريد لنينوى واهلها الخير .. ولمن يريد ان يركع اهلها ويذيقهم الامرين ..
وبعد جولة سريعة قلبت فيها ماتمكن منه مذياعي العتيق الاصيل .. وحاولت تشبيه هذه اللحظات في ايام الحرب مع ايران او حرب الخليج .. ولكني لم اشعر بالطعم مطلقا .. فاصمَتُ مذياعي ورميته جانبا .. واستغرقت مظطرا في تلك الاخبار وتحليلاتها عسى ان تهل عينا “الوطنية” بين لحظة واخرى .. ورحت اسال من هو الاحق بالقيادة ؟ ومن هو القادر على القيادة ؟ وماهو مستقبل مدينتي ؟ وماذا ينتظرها من هول الاحداث في قادم الايام ؟؟؟
ولااريد اليوم الاجابة على تلك الاسئلة كونها تحتاج الى ايام طوال وبحوث كثيرة .. ولكن استوقفني شيئا مهما .. هو العملية المنظمة والمدروسة والمخطط لها لاسقاط رؤوس وقيادات السنة منذ عام 2010 ولحد الان .. وافراغ العملية السياسية باكملها من اية قيادة قوية لها الامكانية والكاريزما لقيادة جمهور السنة ومشاركتهم الفعلية المتوازية والمتساوية مع الشركاء الاخرين .. وخلق جيل قيادي سني ضعيف وهزيل وتابع .. ويمكن التحكم والتلاعب فيه بكل بساطة وبدون اية منغصات من اجل اثبات وفرض الشركاء الاخرين انفسهم لوحدهم في الساحة.. فان لم تعد القيادات السنية القوية لتتصدى للواجهة السياسية بكل قوة وبحسابات اخرى فانه سوف لن تقوم لمحافظاتنا قائمة والايام حبلى بما نقول ؟؟؟