نعرف أن الاستثناء غير المنطقي هو حقيقة ما يجري في العراق من تناحر وخلافات و حكم على اساس المزاج و التكتلات الطائفية و العرقية، بدليل أن الفشل يؤسس لمثله دون أن يؤثر ذلك في ادارة الحكم بدليل أن حزب الدعوة المنقسم على نفسه في تنظيمات كثيرة قد اخفق في ادارة الحكم العراقي لثلاث مرات و مع ذلك يواصل العناد على البقاء في رئاسة الوزراء.
ويتذكر العراقيون الحرب الأهلية في ولاية ابراهيم الجعفري و ما رافقها من تخندقات طائفية أسست لمرحلة تشنج خطيرة أنتهت بسقوط 3 محافظات عراقية بالجملة عن سيطرة الدولة، سبقتها حالة من الاقصاء السياسي و الشعبي أسست لكل الاخفاقات التي كسرت ظهر العراق و الأخوة الوطنية خلال سنوات حكم المالكي، وربما ذلك ناجم عن طبيعة الرؤيا السياسية لحزب يتكلف كثيرا في قبول أعضاءه على أسا س الانتماء الطائفي.
ونحن هنا لا نتعرض بالتجريح لطريقة تنظيم أومنهج الحزب لكننا نشخص أخطاءا من أجل المعالجات فمن غير المنطقي استغلال نفوذ مرحلة ما للتفرد برئاسة الوزراء رغم عدم تحقيق نجاحات في الاستقرار الأمني و السياسي و التكافل المجتمعي، ما يتطلب وقفة سريع من التحالف الوطني لاعادة توجيه بوصلة الأدوار، لأن المتحقق في حكومة العبادي لحد اليوم ليس افضل من سابقيه ، فلا المصالحة وجدت طريقها الى النور و لا الآستقرار تحقق بشكل ملموس بينما ظلت ملفات الفساد على الرفوف.
في كل تجارب الشعوب يبقى الحزب في السلطة طالما حقق مشروعه الانتخابي و الالتزامات التي قدمها للناخبين، مع الاقرار أن العراق يشكل حالة فريدة من القوائم المغلقة الى المسارات الطائفية و العرقية التي بات فيها الحديث عن المواطنة ترف سياسي و التقسيم يتقدم في عقول كثيرين على وحدة و سيادة العراق، ونحن هنا نجتهد لا نصدر أحكاما سياسية لكي لايتهمنا الغير بأولوياتهم.
وضمن مفارقات من هكذا عيار ثقيل مطلوب من التحالف الوطني التصويت على أحقية رئاسة الوزراء بالكفاءة لا التزكية الحزبية أوحتى الأصوات الانتخابية، خاصة وان الدستور لم يلبنن العراق في توزيع المناصب، بل العرف السياسي تحول الى بديل عن الالتزام الدستوري، فلا فقرة مكتوبة تؤكد أن رئيس الوزراء شيعيا و رئيس الجمهورية كرديا و رئيس البرلمان سنيا، كما أن من المفرقات أن يتكون العراق من شيعة و سنة وأكراد وكأن آهلنا في كردستان ليسوا موزعين على الطائفتين، لكن ظلم الشقيق أجبرهم على ركوب قارب القومية مع حبهم التاريخي للعراق.
قيادة البلاد لا تبنى على الهواجس بل على الكفاءة ضمن البيت الوطني، ولأن الأخوة في حزب الدعوة تتقاسمهم الخلافات الشخصية القيادية و لأنهم لم ينجحوا في ادارة شؤون الحكم كما ينبغي مطلوب منهم منح باقي مكونات التحالف الوطني فرصة القيادة لكي لا يتحول الى ضحية للتناحرالسياسي على مختلف الجبهات، وبما يؤسس لمرحلة تداول سلمي للسلطة لمنع اتهامهم باعتماد الاقصاء و التهميش عنوانا للبقاء، مع ضرورة الاقرار بسوء الطالع في الحكم وعدم تحميل الأخرين نتائج اخفاقهم لأن تجربة واحدة تقبل الاجتهاد لكن تكرار نفس السيناريو مع 3 وجوه قيادية أمر يحتاج الى وقفة تأمل و اعادة اصلاح تقع ضمن مسؤولية التحالف الوطني لكي لا يكون شيعة العراق شاهد على تقسيم البلاد بعد أول تجربة حكم!!