عام حداد وحزن، هو ذلك العام الذي فقد فيه، الرسول الكريم محمد (عليه الصلاة والسلام وعلى أله الأطهار)، عمه أبو طالب (رضوانه تعالى عليه)، السند للنبي، والساند لدعوته في عمرها البكر، وقد حقق نجاحاً باهراً ضد جهلاء قريش، لأنه أراد الحفاظ على حياة الرسول، ورسالته الفتية، فكان نعم العون والنصير.
عندما بدأت الدعوة الإسلامية، وقف العم أبو طالب موقفاً مشرفاً، بحواره السياسي مع شيوخ قريش، الذين طبع البارئ على قلوبهم، وذلك بأنهم أرادوا مبادلة أبن اخيهم الوليد، ويعطيهم محمداً، ليكف عنهم دينه الجديد (عليه الصلاة والسلام)، فأجابهم مستبسلاً رأيه: تعطوني إبنكم أربيه لكم، وأعطيكم إبني لتقلتوه، لا والله ما فعلت!
رجل هاشمي من الطراز الأول، تكفل رعاية النبي محمد (صلواته تعالى عليه وعلى أله)، في كنف الدين الإبراهيمي الحنيف، فالإنسان الذي يستمد إيمانه من الرحمن الرحيم، لا يعرف إلا القول المحنك، والخلق الكريم، والإعراض عن الجاهلين، وهذا ما جعل القوم يشدون العداوة والبغضاء، لمؤمن قريش (أبي طالب بن عبد المطلب).
بعض المخالفين، وصل الى مرحلة الجهل، والتعصب الأعمى، أنه يكفر عم النبي أبا طالب (رضوانه تعالى عليه)، كما يدعون موته مشركاً حاشاه ذلك، وهنا أسألهم كيف أبعدته قريش، أثناء حصارها الظالم على المسلمين؟ وهو مع إبن أخيه صابر محتسب، في منطقة سميت بإسمه (شعب أبي طالب)، ما لكم كيف تحكمون؟
عندما عرج بالنبي محمد (عليه الصلاة السلام وعلى أله) ليلة الإسراء والمعراج طلب الرحمة لامته في الحديث القدسي:(بحق أمك التي آمتك وحليمة التي أرضعتك وعمك الذي كفلك وخديجة التي آوتك أمتي أمتي رحمتك يا إلهي) لذا لما ذكر عم النبي الأكرم (أبو طالب) في هذا الحديث فستعلمون من هو في ضلال مبين
أبو طالب سياسي بارع، إمتلك منطقاً حكيماً، تجاه الأوضاع الخطيرة في قريش، ومعاملتها السيئة للرسول الكريم (عليه السلام وعلى أله)، وأصحابه المنتجبين، على قلة عددهم وعدتهم، فلولا حكمته ودرايته، بعقول هؤلاء السفهاء، لقضي على الدين ورسوله، فكان عمله خالصاً، لوجهه تعالى فسلام عليه يوم ولد، ويوم مات ويوم يبعث حياً.