{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إنشاء الله}
إستشهد الشيخ جابر هادي حبيب ابو الريحه، عن 65 عاما، وفي عينيه بريق توق للمثول بين يدي فيلسوف القرن العشرين.. الامام الشهيد.. آية الله محمد باقر الصدر، الذي يعمل وكيلا ناطقا بلسانه، في مناطق عدة، كان يوجهه اليها.
بعد إستشهاد الصدر (قدس سره الشريف) إلتزم أبو ريحة إيوانات وقاعات الحوزة العلمية في النجف الأشرف، يصغي للمحاضرات، ويحاضر من فيض فكر إمامه الشهيد الذي واظب السير حثيثا، يغذ الخطى على نهجه، حتى إلتحق به.
تعذيب خرافي
ولد الشهيد أبو ريحة، في العام 1920 ، وفارق عالمنا الفاني الى دار الخلود، منتصف الثمانينيات تماما، وقد قضى عمرا في العلم طالبا وأستاذا، في الدراسات الحوزوية، بين أركان ضريح الإمام علي بن أبي طالب.. عليه السلام، متفرغا لله والوطن وتبصير الناس بمآلهم الدنيوي والأخروي، إذا لم يتنبهوا للسقوط الحاد، في هاوية الإستسلام الجبان، للخطأ المخيف.
مقابر جماعية
أقدمت مفرزة من أزلام أمن الطاغية المقبور صدام حسين، وحزبه “البعث” الجائر، على إعتقال الشيخ أبو ريحة.. العام 1985 ، على إعتقال الشهيد، ببذاءات تليق بهم، وليس به؛ لأن “الكلام صفة المتكلم” و… ملاك مسموم، يرقب الحقيقة، من موضعه رابضا تحت نجمة من سماء تلك الليلة التي لم يطلع لها صباح.
تعرض لتعذيب فظيع، داخل معتقلات أمن النجف، المزودة بأحدث أجهزة الخوف المريع، في مديرية أمن النجف، فارق الحياة أثناءه، مع إلزام ذويه بعدم إقامة مجلس فاتحة.
فجهاز الأمن الخاص، مكلف بحماية شخص الرئيس.. لا تحق لها ملاحقة الناس ومساءلتهم عما يضمر وجدانهم للسلطة المنصبة.. حينها.. بحد السيف.
لكن الصلاحيات تتداخل بذعر، ذي تمظهرات عنيفة؛ لأجل كرسي الحكم، ساحقا البلاد والعباد، الذين إنفضوا من حوله.. خوفا وإحتقارا، حتى لم تبقَ له سوى حفرة تكريت مأوى لآخر أيامه، طريدا ممن خدمهم طيلة خمسة وثلاثين عاما، عيش خلالها شعبه في الذل والجوع ورخص القيمة الانسانية.. شد الشعب إليه.. بالنار والحديد، منذ كان نائبا من 1968 الى أن قفز على السلطة، مزيحا المجرم أحمد حسن البكر، وحالا بدلا منه،العام 1979، سائقا الشعب الى الحرب ضد إيران، زاجا مئات الإلوف الى المعتقلات والمقابر الجماعية وجوع الحصار.