كثرت المهازل وأستمرت في عراقنا الجديد (عراق ما بعد 2003). والمهازل لاتحدث ولا تستمر إلاّ في البلدان المتخلفة، وكثرة المهازل وأستمرارها لاتعني إلا أمراً واحداً: أنحطاط قيمة الأنسان في ذلك البلد. أذ لو كانت قيمة الأنسان ذات اعتبار كبير، لما أستمرت المهازل رغم ظهورها ، ولوضع لها حداً. ولكن لأن الوضع متهرئ على جميع الأصعده: الامنية، الاقتصادية، القضائية، التعلمية، الثقافية…. الخ … تستمر المهازل مع هزالة الحياة وقيمة الانسان في عراقنا الحبيب الذي لانستطيع تركه ونسيانه والاستسلام لقناعة اكثرالناس بأنه ( ماتصيرله جاره ). أن العيش في بلد ( ما تصيرله جاره) هو مضيعة للعمر، فأما أن نعمل ونكافح ونستمر لكي ( اصيرله جاره ) في المستقبل، أو نتركه ونشد الرحال الى بلد آخر وننساه .
من المهازل الكبرى التي لازالت قائمة في هذا البلد هو بقاء الشهرستاني وزيراً لواحدة من اهم الوزارات في هذا الوطن المحطّم. لا بل أنه لم يكن ليرضى بهذه الوزارة غير السيادية لولا توسل العبادي والواسطات الأخرى له للقبول بها والتخلي عن الوزارة السيادية .
تُرى ما السر خلف هذا التهافت وراء الشهرستاني؟!… وهو المسوؤل عن فشل أكبر قطاع خدمي في دولتنا الحديثة (أذا صح أن نقول عنها حديثة) : قطاع الكهرباء، الذي مسكه الشهرستاني لعقد من الزمان، مدعياً في حملته الانتخابيه الحفاظ على ثروة العراق- حامي ثروة العراق- ( ضمنها ال 35 مليار دولار التي أنفقت على الكهرباء وذهب معظمها أدراج الرياح).
أين ذهبت هذه ال 35 مليار دولار . أن أجدر شخص بالاجابة عن هذا السؤال هو الشهرستاني نفسه . فكلنا يعرف أنه الشخص المسؤول عن ملف الطاقة في العراق، وهو كان نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة لثمان سنين عجاف، ويعرف كل صغيرة وكبيرة عما حدث لهذا الملف وأين ذهبت هذه ال 35 مليار دولار، خصوصاً أنه صاحب التصريح الشهير جداً والذي أصبح الآن مثال التندر والسخريه عند المواطنين، عند ما خرج وقال على الملأ : سنصدر الكهرباء بحلول عام 2013!…
لماذا لم يصدر الشهرستاني الكهرباء في 2013 أو 2014 او بعدها ؟ ماذا حدث بعد ذلك ؟ هل صدرّ الكهرباء ونحن لاندري؟ ربمّا يكون هذا هو سر استمرار مشكله الكهرباء في عموم البلاد… أن الرجل بدلاً من الأحتفاظ بالكهرباء في داخل البلاد، صدّرها والشعب لايدري؟…
لماذا لم يطالبه احد بالاجابة عن عدم تحقيق نبوءته؟
ونسأل مرة أخرى: أين ذهبت ال 35 مليار دولار؟ هل أختفت حالها حال ميزانية 2014، التي قرر مجلس النواب والكتل السياسية طمطمتها وغلق ملفها تحت عنوان ( عفى الله عما سلف )، والى أي مدى نصل في التدني والانحطاط السياسي؟… أم لأن عظم وجسامة الفساد والأنهيار الذي ضرب أطناب البلد من كل صوب وناحية هو الذين يجعلنا نرضى بقبول فجائع وكوارث (مثل اختفاء ميزانية 2014) باعتبارها كارثة من الوزن الخفيف أذا ماقورنت بالكوارث الأخرى التي أصابت البلد في السنة الماضية مثل: ضياع الموصل وأخواتها في ليلة وضحاها، وانهيار الجيش العراقي (فص ملح وذاب) في أقل من ليلة وضحاها…
ينعم الشهرستاني بخد بارد يلفحه التبريد لأربع وعشرين ساعة متنعماً بالجاه والسلطة والوزارة الدائمه، غير آبه بأمهاتنا من عجائز الجنوب العاجزات عن دفع أجور المولدة واللاتي يقبعن في الحر الشديد حبسات البيوت والغرف البلوك الخالية من الرحمة.
عتبنا ليس عليه لأن هو لو عليه عتب كان استقال واعتزل الحياة السياسية لفشله العظيم في أكبر قطاع خدمي يمس حياة المواطنين، ولتضييعه المليارات في هذا القطاع بلاطائل. بل عتبنا على المرجعية الرشيدة (والتي أثبتت أنها رشيدة فعلاً في أكثر من مناسبة)، ونعلم أنها هي الحاكم الفعلي ولولاها لكنا الآن نقاتل داعش في شوارع بغداد وكربلاء، عتبنا عليها كيف سمحت لشخص يحمل وزر هذا التقصير العظيم في الأستمرار والأستيزار!…
ماسر قوة الشهرستاني؟ ومن الذي انتخبه من الناس؟ وكيف حصل على 11 ألف صوت؟ ولماذا انتخبوه؟ ولماذا لايحاسبه أو يستجوبه أحد على ضياع المليارات على الكهرباء وملفات الطاقة بلاطائل؟…
يبدو أنه رغم كل شيء، ويبدو أنه غصباً عاليرضى والمايرضى…سيستمر الشهرستاني بالتنعم بخد بارد…
وليس لنا ألاّ أن نقول: أنا لله وأنا أليه راجعون