مقارنة مفترضة رغم إنّي أعلم هناك بون شاسع من المسافات ما بين حالتي ذلك المفترض ,تتماهيان داخله ليشكّلا حالة واحدة “مستعمر خارجي ومستعمر داخلي” ,ودليلنا ما يحصل اليوم “تمويل خارجي واستجابة داخليّة” بعد أن انتقل التعصّب للوطن إلى تعصّب طائفي داخلي لن تشكّل عنده “المسافات” أهمّيّة تذكر بين الوطن والوطنية وبين أعدائها ,فالمهم عنده سلامة طائفته, وأمر طبيعي التعصّب للطائفة يسلكها مسالك مخالفة للأصل كالاستعانة بالخارج ولم يكن ليتحوّل العام إلى محصحص لولا “الأحقّيّة” الّتي ادّعاها كلّ طرف في فهم “النصّ” فتحوّل الدين لمجموعة نصوص من نصّ واحد “أديان جديدة بمسمّيات مذهبيّة” وطبيعي تعود تتعدّد الادّعاءات فتتعدّد الآلهة فتسنّنت الدفاعات نصّ ضدّ نصّ ,وذلك بدوره قلب المعادلات والمفاهيم داخليًّا لتتجسّر مع الخارج فلم يعد هناك استعمار أمامها سوى “الاستعمار المذهبي”! وهنا أصبحنا بين فكّي رحى يكون لا مانع فيه من التماهي مع كافّة الطامعين بل والتحالف معهم ضدّ ابن الوطن نفسه بتغطية من نصوص “دينيّة” مستحدثة, بل ويدخل “الداخلي” في تنافس لا مانع يكن دموي ليحظى بالتماهي مع الخارجي!.. لكنّه ومع ذلك يبقى سؤال يثير الحرج إن حدّث أحدنا به نفسه ..السؤال يعبّر عن نفس حائرة تبحث بين هذين المفترضين بما أشبه بعمليّة بحث توصيل سلك كهربائي لجهة ما من بين غابات من الأسلاك المتشابكة من تلك الّتي تعشعش فضاءات بغداد فتجعلها تبدو كغابة متصحّرة من بقايا نباتات “ليانا” الاستوائيّة ,فما نسمعه يُطلق للمقارنة عنوان مقالنا ويلحّ بالتساؤل ,هو بمثل هذا التصوّر.. والطرح هنا إن طرح بصوت عال سيلقي جواب أشبه بردّ فعل من أغلب “مسلمي” اليوم على غرار من يتهرّب فيعالجك: “إنّ الله قادر على إقامته القيامة الآن ويخسف الأرض ويهدّم البيوت بلحظة واحدة” ,أو: “هل تؤمن بوجود الله ,هل تصلّي”! ..أهداف داعش ومنهجها العقائدي غير قابلة للحياة كما نفهم سواء أكانت المعلومات الّتي تصلنا عنها صحيحة “تستبيح الحرمات” أم غير صحيحة .. كنت أتمنّى يظهر من بيننا قائد فيه مواصفات داعش لكن بلا مواصفات “إعلاميّة” كاذبة لقناعتي أنّ من “يسبح” ضدّ الاعلام صائب في ادّعاءاته ,يفرض إرادة المهمّشون ,لكنّها حتّى هذه سرقها “الطامحون” الشرهون.. الاعلام الحكومي أيضًا كاذب عندما يصرّ على أنّ العراقيين “أخوان سنّة وشيعة” ,كواقع تطبيقي بين الشعب فنعم لكنّه سيصبّ في مصلحة هذه الحكومة الطائفيّة لانّ العراق بنظرها جميل و”تاج عالراس” ما دامت هي من تحكم, وبما أنّ إعلام الداخل يميل لجهة الحكومة فلا بأس أن نستغلّ بعض فسح الحرّيّة “الداخليّة” لمدّ حبال التفاهم نحو شراكة حقيقيّة هدفها ( الوطنيّ الأكفأ ) تسدّ منافذ التدخّلات الخارجيّة أملًا بوحدة العراقيّين وبشكل جاد “بلا ألاعيب” ,إذ أنّنا هنا إن طرحنا التشكيك في الطرح الإعلامي الحكومي التابع لإعلام “الحلفاء” في وصف داعش بالمواصفات المعروفة فذلك أمر مشروع القصد منه إفهام الطرف “الشيعي” الممسك بكنز علي بابا من تلابيبه أنّ الطرف “السنّي” لن تجد أحد منه يترحّم في صفحات التواصل الاجتماعي بما ينشر فيها من صور لشهداء تابعين للحشد وللجيش وللميليشيّات قضوا في مواجهاتهم “لداعش” من منطلق عدم الاعتراف “السنّي” بأحقّيّة “الشيعة” التكلّم بالعراقيّة في مواجهاتهم اليوميّة لهذه المنظّمة “الإرهابيّة” وصرف موارد الدولة على ذلك, تبدو بحسب وجهة نظر “السنّة” سرقة وطن وتجييره “شيعيًّا” على غرار “الدولة الايرانيّة الشيعيّة الاسلاميّة”.. فالطرف “الّذي يعتبره الطرف الحكومي سنّي” يعتبر داعش “دعّامة وصوله إلى السلطة” ,زائدّا أنّ “الشيعة” أوّل من سيّس الدين في الحكم وبتبريرات معتوهة ,ومثله يحاول “السنّة” سنّة أميركا لا سنّة داعش رغم أنّ كليهما لا يقلّان بلاءً وعتهًا بحقّ العراق عن “شيعة” إيران, ليبقى الشعب وقادته الحقيقيّون من الّذين خلفيّتهم الوراثيّة أكرهوا اعتناقها ,مغيّبون إعلاميًّا, من الّذين لديهم العيش في كهف أفضل من قصر منيف الخروج منه والدخول بأوامر.. جلّ الّذين تهتمّ بهم وسائل الاعلام قبلوا على أنفسهم التنازل عن الكثيرة من الخصوصيّات ..من المؤكّد أنّني هنا لا أبرّر بل ألج الاحداث اعتمادًا على إعلام اعتدنا كذبه ,على العكس أنا أسوق واقع مفترض من منطلق: “داعش ـ الفرد ـ أراد فرض نمط عيشه باقتطاعه مساحة يعتبرها حقّه الجغرافي سبق و”وُضعت عليها اليدّ” من جهات خارجيّة “ليعيدها للحضن الأم” وفرض إرادته عليها, ذلك إن كان ظنّي هذا في محلّه.. الشعب وقادته الوطنيّون الّلا مذهبيّون ,يسعون لنمط عيش أهدافه واضحة نابعة من قلوب أناس أحرار في مساحاتهم الجغرافيّة “كداعش المفترضة” رافضون الخضوع لقوانين مؤسّسات مرتبطة بأجور عمل لا تطيقها الحيوانات إن كان حقًّا يوجد عمل على نمط القوانين الغربيّة الّذين استباحوا حرّيّتنا وإعلامنا معًا, فكثير لا يحبّذون عيش كهذا, تطبّعوا سلوكيّات عيش لا إغراءات خارجها تبرق أو تلمع من تلك الّتي تروّج لاستهلاكيّات العصر البديلة بمعظمها عن الجهد العضلي أو العقلي ما قد يدفع لتسائل: “هل الانسانيّة بمثل داعش “المفترضة” وبمن مثلها مقبلة على تجديد نفسها بعد أن غطّت عليها إفرازات الّلهاث”؟..
لذا فهنا من هذه المقارنات انطلق سؤالنا: داعش بما نفترض, أفضل أم عالم الإعلانات والدعايات البرّاقة الّتي تدغدغ رغبات الناس الطموحة وتلقي بهم عند محراب الرأسماليّة تخضع ساعات عمرهم لأوامر منظّمة ,لا لأجل إخضاعهم “للتحضّر” وطبائع علاقات العمل بالطرق “الحديثة” عالم الشركات ورأس المال ,عيش ترهقه الضرائب فلا تبقى منه إلّا “الفتافيت”!.. مقارنتي هذه تصلح فيما لو كانت داعش حاجة إنسانيّة بحتة لا مصالح سياسيّة فيها أو تجاذبات, قد تكون كذلك فتعرّضت للمصادرة الاعلاميّة ما إن ظهرت فلم تصلنا مواصفاتها إلاّ من تلك الجهات ..قناعتي هذه انعكاس ملموس من عالم الصراعات والحروب كحقيقة مثبّتة بوقائعها وبوثائقها وبشهودها ,منها ,وكما يعلم الجميع سرقة الاحتلال الاميركي جهود المقاومة العراقيّة بمسمّياته الاستخباريّة المبتكرة “القاعدة” وبفتن “الزرقاوي” الطائفيّة وبأبو عمر البغدادي حين استحرّ الذبح بجنوده ألبس المحتل بعض العراقيين أقنعة “فيتكونغ” مستعينًا ببطون خرائطه الجهنّميّة في فيتنام قصد التشويه ما عرفت ب”فتنمة” الحرب .. لكن الأمر لا يخلو أن تكون هنالك جماعات عراقيّة مسلّحة فعلًا ظهرت أوّل الأمر كردّ فعل ضدّ الحكومة لرفضها المستمرّ حلّ الميليشيّات وكردّ فعل على رهن الحكومة العراق لإيران ولأميركا ,لذلك سارعت أميركا “بدعشنة” أولئك المسلّحون عبر وسائلها الاعلاميّة المُشَيطِنة.. وانطلاقتنا هنا من قناعة عامّة حول كلّ ما تدّعيه أميركا, فما دامت هي من وضعت تسمية “داعش” والّتي مشابهة لظروف تسمية “القاعدة” فلا بدّ وتكذب, وتكذب حتمًا بما ادّعت على أنّ هذه المنظّمة “مجرمة وذبّاحة وقاتلة ودمويّة وإرهابيّة الخ” وإن صدقت , إن صدقت.. يعني يجب أن لا تغيب عن بالنا مثل هذه الاحتمالات..