22 نوفمبر، 2024 11:38 م
Search
Close this search box.

أقليم البصرة مشروع بلا تخطيط

أقليم البصرة مشروع بلا تخطيط

نصت المادة 119 من الدستور على حق مواطني المحافظات بالمطالبة بان تكون ادارة محافظاتهم بمستوى اقليم اي حكم محلي ، وهذا الحق حصري اي لادور للحكومة ولاللبرلمان فيه ، واصحاب الحق هم اصحاب القرار فيه من حيث كيف او متى ، واي اجتهاد من قبل كتلة او كيان او شخصيات سياسية او دينية ، لابداء راي مخالف او سلبي تجاه هذا المطلب ، غير جائز لا دستوريا ولاشرعيا ولااخلاقيا … لانه في باطنه تجاوز على حقوق ممنوحة بموجب الدستور .

البصريون سحقتهم حكومة الدكتاتور وهمشتهم حكومات مابعد التغيير ، بلا اي اعتبار كون البصرة فم العراق وفينيسيا الشرق وتاج الخليج ،حرموا من ثروات محافظتهم الهائلة ” النفط جزء منها فقط ” ، وهي اغنى مدن العالم ، وكما قيل في كتاب عيون الاخبار ” البصرة بلد الجائع والفقير والمسكين ” ،صودرت ثقافتهم وحضارتهم فلا كلام عن المعتزلة الذين غيروا العالم ولا عن اي علم من تراثهم وهم اول من نقط الحروف العربية ، وغيب مجتمعهم المدني ففي البصرة وحدها ايام خمسينيات القرن الماضي كان يوجد فيها 13 دار عرض سينما ، والبصريون لازالوا يتذكرون ” البورت كلاب ” وبات الحل الوحيد امامهم لاستعادة ماسلب منهم ، هو المطالبة بالحكم المحلي اي الاقليم .

ظهرت حركات المطالبة بالاقليم ،من مجموعات شبيعة غالبيتهم من الشباب ، تحولت فيما بعد الى روابط وتنسيقيات ، واصبحت هناك ضرورة لتنسق هذه الروابط والتنسيقيات فيما بينها على الاقل على المستوى الشخصي ،تعمق هذا الاتجاه ، وبات قاب قوسين وادنى ، ولكن وآه من هذه اللكن ،دخل الملوك واقصد السياسيين ، لاتعرف دوافعهم ، هل هي شخصية ام هم جادين فيها ، ونحن على علم اليوم بان سياسينا ينطبق عليهم ما وصفهم مارك توين ” اي كالحفاظات ” … فاستمالوا بعض هذه الروابط والتنسيقيات بوسائل لاتخفى على المواطن البصري ، فيما القسم الاخر من هذه الروابط والتنسيقيات وهو الاكبر ، رفضوا ان تفرض عليهم هيمنة او وصاية ، فشكلوا جبهة اخرى ، فكان الشرخ الاول لمشروع اقليم البصرة ،عمق مسالة التوقيت لتقديم الطلب هذا الشرخ ليصبح فجوة ، من تداعياتها شن حملات اعلامية وتسقيطية على بعضهم البعض وصلت الى حد التهجم الشخصي بعبارات وبادعاءات مرفوضة .

الصدمة الاولى وكانت متوقعة رفض مفوضية الانتخابات ، الطلب المقدم ، بحجة عدم استيفائه الشرو ط المطلوبة ، مع التلويح ، بانه حتى لو قدم وفق الشروط المطلوبة فان الحكومة لن تستيطيع بعجز الميزانية من توفير المال اللازم لعملية الاستفتاء بمراحلها المتتالية ، اي 10% ثم 50% +1 ، ومن شان مثل هذه العقبات تثبيط همم الشباب الذين سعوا في الاشهر الماضية بنشاط مستمر لجمع تواقيع الراغبين بالاستفتاء على الاقليم .

من وجهة نظري ومن خلال معرفتي ، بكيفية وضع المشاريع والتخطيط لها لتكون مشاريع ناجحة ، خاصة اذا كان هدف المشروع او الغاية منه واضحة ، فان هناك ثلاث محددات رئيسية لنجاح اي مشروع ، المال ، الوقت ، المجال ، ثم يخطط على وفق الموارد المطلوبه ، الموارد البشرية ، الموارد المالية ، الموارد المعلوماتية ، الموارد المادية ، وبعد هذا كله تدرس المخاطر بعناية فائقة وتوضع البدائل ، ماذكر هي الف باء التخطيط للمشروع الناجح ، وهذا ليس اجتهادا شخصيا من بل هذا في علم ادارة المشاريع .

فمخاطر اقليم البصرة كبيرة ، فهناك الكتل السياسية المهيمنة على السلطة ستقف وحتما بالضد منه ، لانه وببساطة يشكل تهديدا لمصالحها الحزبية والفئوية والمحاصصاتية ،وهناك الحكومة التي ستنتزع منها حصة عدد السكان من الميزانية ،وهناك البرلمان ونوابه ، والخوف من نجاح تجربة الاقاليم ، لانها ستفرز وجوه سياسية وبرلمانية جديدة تمثل بالدرجة الاولى مصالح اقليمها وليس كتلها السياسية … وهناك جهات دينية قد يضعف امتداها اذا تحقق الاقليم ، بل وحتى جهات سياسية تدعي المدنية والديمقراطية … لكنها تقف موقفا متناقضا من الاقليم بسبب اتجاهها الشمولي …

وصلنا الى نقطة الحسم ، لن يكتب لمشروع اقليم البصرة النجاح ، مالم يخطط له بعلمية … وبداية التخطيط توحيد كل اصحاب المصلحه في الاقليم واقصد البصريين ، ثم تاسيس كيان سياسي ، يضم كافة الفرقاء مع احتفاظ كلا منهم

بخصوصيته ، واخيرا الحد من الوصاية والهيمنة على مشروع الاقليم ، بفرض زعامات او شخصيات ، تطمح لتكون زعامتها مدى الحياة ومن ثم توريثها لابناءها واحفادها مقتدية باقليم كردستان .

أحدث المقالات