هل يمکن إعتبار جنوح الجمهورية الاسلامية الايرانية للتفاوض و الاعتماد على الحلول السياسية و الدبلوماسية لبرنامجها النووي و غيره من المواضيع، بمثابة شهادة حسن سلوك لها و التغاضي عن کل مابدر منها؟ إجابة هذا السٶال يتطلب التمعن و التروي لأنه سٶال يحمل في ثناياه الکثير من القضايا و الاعتبارات المختلفة و على رأسها و أهمها: إشکالية منح هذه الجمهورية”المتخمة بالازمات و المشاکل” الثقة الکافية و إعتبارها تستحق التأهيل و الاطمئنان الکامل إليها.
طوال العقود الثلاثة المنصرمة، ومن خلال مختلف قنوات الاتصال و التواصل مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، لم تستطع أية جهة من کل تلك الجهات التي تواصلت مع طهران، الاعلان من أن هذا النظام مسالم و يمکن التعايش معه، کما لم تتمکن من تبرئته من تهم تصدير التطرف الديني و الارهاب الى الدول الاخرى في المنطقة، وانما ظلت هذه الجهات تتواصل مع طهران من أجل الابقاء على شعرة معاوية ليس أکثر او أقل من ذلك!
فرانسوا کلکومبە، الشخصية السياسية و القضائية الفرنسية المخضرمة، إنتقد بصراحة الغرب على تواصله مع إيران، وقد سخر خلال تصريحات أخيرة له من الدول التي تسعى للمراهنة على إيران في ظل نظامها الحالي،خصوصا عندما أکد بأن” الغرب خوفا من الارهاب قاموا بمسايرة هذا النظام، لکنه لافي عهد خاتمي و لاأحمدي نجاد و لاروحاني قد تغير فقد بقي على سابق عهده کنظام إرهابي و قمعي.”، ولهذه الشهادة أهميتها و إعتبارها الخاص، لأنها تصدر عن شخصية معروفة برجاحة رأيه و صواب وجهات نظره تجاه المسائل المطروحة.
کلکومبە، الذي قال أيضا بشأن قلق و خوف الدول العربية من إحتمال إمتلاك إيران للأسلحة النووية بأن” البلدان العربية من حقها أن تشعر بالقلق لأن إيران تفصلها مسافة قصيرة عن القنبلة الذرية و يجب أن يطالبوا بإتفاق يطمئنهم.”، رغم ان کلکومبە بنفسه يقول بشأن مايضمن الحيلولة دون حصول إيران على القنبلة الذرية، بأنه” لايوجد ضمانة بشأن عدم سعي إيران للقنبلة الذرية.”، والاهم و الانکى من ذلك، انه ماعدا روسيا التي لها مصالح مختلفة مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و تسعى للحفاظ عليها ولو على حساب السلام و الامن و الاستقرار في المنطقة و العالم، فإنه لاتوجد دولة أخرى بإمکانها تبرئة إيران من مساعيها و نواياها المشبوهة.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي يقوم على أساس ثلاثة رکائز اساسية هي:
ـ قمع الشعب الايراني و مصادرة حرياته التي تسمح له بمواجهته و کشفه أمام العالم.
ـ تصدير التطرف الديني و الارهاب لدول المنطقة و التخطيط لجعلها مناطق نفوذ خاضعة لها.
ـ البرنامج النووي الذي يسعى من خلاله الحصول على الاسلحة النووية من أجل تعزيز و ترسيخ بقائه و إستمراره وجعل نفسه أمرا واقعا في المنطقة.
واننا نتساءل: هل هنالك من بإمکانه التأکيد على طهران ستتخلى يوما عن هذه الرکائز الثلاثة؟ هل بإمکان هذا النظام خلع رداء الاستبداد الديني و إطلاق الحريات و إقامة مٶسسات المجتمع المدني؟
لن نبالغ کثيرا، ولانريد أن نذهب بعيدا في تصوراتنا و قناعاتنا، لکننا واثقون تماما بأن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يمکن الرکون إليه و الوثوق به متى ماتمت تبرئة الشيطان و الاطمئنان إليه!