في العمل السياسي تعصف الخلافات بين الفرقاء المختلفين من جراء القراءات المختلفة للمصلحة التي يمكن جنيها شخصياً وجمعيا للجمهور الذي يمثله هذا الكيان أو ذاك.
ولعل مما عصف بالبلد من 2003 ونحن اليوم في نهاية الثلث الأول من عام 2015 اقول مما عصف بالبلد الحديث عن قانون المساءلة والعدالة الذي يتغنى به بعض السياسيين من أجل القضاء على ما تبقى من كيان كان يطلق عليه حزب البعث، وبين أناس كان الظلم يمارس عليهم كما اليوم.
لجنة نيابية متخصصة، تم تشكيلها مكلفة بإعداد تقرير نهائي حول أهم تعديلات قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة، اللجنة قالت أنها طلبت رسمياً عقد اجتماع موسع تحضره هيئة رئاسة مجلس النواب، وزعماء الكتل لمناقشة المشروع، من أجل وضع اللمسات الأخيرة.
في الجهة المقابلة يبدو أن التحالف الوطني قد سجل اعتراضين على المسودة الحالية، فيما استبعد اتحاد القوى العراقية اقرارها في هذه المرحلة.
المشروع بصيغته النهائية وصل إلى مجلس النواب، وكان من المفترض أن تتم قراءته الاولى بداية الاسبوع الماضي.
وجميع الكتل اعترضت على المسودة الأولية بداية وكل جهة من هذه الجهات أبدت موقفاً رافضا وقطعياً ازاء عدد من المواد، ما أدى إلى تأجيل البدء بتشريع القانون إلى وقت لاحق.
رئيس مجلس النواب سليم الجبوري وجّه لجنة المصالحة والعدالة بإعداد تقرير يبيّن مكامن الضعف في المسودة واعداد المقترحات لتسويتها.
وفيما يبدو مراقبة للواقع فقد تكون الجهة الوحيدة المعترضة على هذه المقترحات، اتحاد القوى العراقية؛ لشعورها أن غبنا واضحا في القانون يطال السنة على وجه الخصوص أكثر من غيرهم، ومن وجهة أخرى أن المساءلة والعدالة أحد بنود الاتفاق السياسي التي يجب أن يتوافق عليه ليطبق.
التحالف الوطني لديه تحفظان على المشروع الحالي : الأول يخص السقف الزمني المحدد بسنة واحدة لعمل الهيئة المستقلة منذ تاريخ اقرار تعديلاتها في مجلس النواب.
وهذا التحديد من وجهة نظرهم يخالف الدستور، الذي ربط انهاء عمل الهيئة بإنجاز المهام الملقاة على عاتقها، ولم يضع لها تاريخ معين.
وثمة اعتراض آخر يتعلق بدمج القانون مع حظر البعث خلافاً للدستور الذي ينص في مادته السابعة على عدم مزاولة الحزب المنحل لأي نشاط سياسي في العراق.
في الجهة المقابلة اتهامات موجهة إلى اتحاد القوى بأن مطالبه مخالفة ً للدستور، وأنهم متفقون مع التحالف الوطني على أن دمج قانوني المساءلة وحظر البعث غير صحيح ويجب الفصل بينهما.
يبقى قانون المساءلة والعدالة من القوانين الانتقالية المهمة التي ينبغي أن تنجز سريعاً.
في حين أن ورقة الاتفاق السياسي التي تشكلت بموجبها حكومة حيدر العبادي نصت على عدد من المشاريع التي تلتزم السلطة التنفيذية بتقديمها إلى مجلس النواب لغرض سنّها ضمن سقف زمنية، ومن أهمها تعديلات قانون المساءلة والعدالة (او ما يعرف بالاجتثاث).
الكرة الآن في ملعبين مهمين: التوافقات السياسية وأغلب الحياة السياسية في العراق توافقات بعد 2003، ومجلس النواب صاحب الكلمة الفصل في إعادة حق المظلومين ممن طالهم القانون، أو شمول من هو مستحق بالاجتثاث.
القضية في اروقة المجلس بانتظار القرار التوافقي الذي لا إفراط فيه ولا تفريط.
المضي في إقرار القانون خطوة في الاتجاه الصحيح لتفعيل دور البرلمان التشريعي والمضي قدما نحو تشريعات أخرى مهمة.