20 ديسمبر، 2024 8:13 م

موسيقى الغاز ، التي ظهرت في العراق بشكل متأخر ، وفي مدينة بغداد على وجه الخصوص ، وتحديداً عام 2013 هي غير “موسيقى الجاز” التي ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية ، قبل أكثر من قرن ونصف من الزمان .. وفي مدينة نيواورلينز الواقعة على نهر المسيسبي ، حيث احتوت تلك المدينة في ذلك الوقت على خليط من المهاجرين الاسبان والانجليز والفرنسيين .. وموسيقى الجاز ولدت ونمت في علب الليل ، وصالات الرقص ، بينما ولدت موسيقى الغاز في شوارع بغداد ، وغيرها من المدن . ولعل أول مدينة عراقية استخدمت هذه الموسيقى ، هي مدينة الديوانية ، عندما دعى مجلس المحافظة ، فرع شركة توزيع المنتجات النفطية ، إلى استخدام موسيقى خاصة من قبل بائعي الغاز ، للتعبير عن بضاعتهم ، بدل منبه العجلات التي يستخدمونها لنقل الغاز وبيعه .. ويتجولون في شوارع المدن وأزقتها .. وفعلاً حصل هذا عام 2011 ، في بادرة تطرح لأول مرة للحد من الإزعاج والضوضاء ، الذي يولده بائعو الغاز ، عند مرورهم في المناطق السكنية ، وخاصة عند ساعات الصباح الأولى ، وفي أيام  الجمع والعطل الرسمية بالذات ، وباصرار منقطع النظير . وإذا كان عام 1945 يعتبر إيذاناً بتطوير وانتشار موسيقى الجاز ، في مدن الولايات المتحدة ، ومن ثم وصول هذه الموسيقى إلى عصرها الذهبي في ستينات القرن الماضي .. فإن بائعي الغاز في العراق ، ما زالوا يمزجون بين الموسيقى الهادئة ، التي استخدموها ، ومنبهات عجلاتهم ، واصوات ارتطام القناني مع بعضها .. فيضيع الخيط والعصفور على المستمع ، الذي يتلذذ أول مرة بألحان عذبة وشجية ، وسرعان ما تتغير النغمات إلى هارمونى (الهورن) .. فيخدش سمعه ،  ويسبب له النفور والاشمئزاز ، كمن يضرب على الطبلة ، في حفل موسيقي للأوركسترا .. إن فكرة استبدال الهورن بموسيقى هادئة ، تعتبر فكرة مدنية رائعة ، وهي حضارية بامتياز .. ويبدو أن بائعي الغاز لم يستوعبوها بشكل كامل ، فمزجوا بينها ، وبين منبه عجلاتهم .. وقد تكون هذه فترة انتقالية ، لتعريف الناس بأن هذه الموسيقى ، هي البديل الجديد “للهورن” لكي تترسخ هذه الثقافة ، فيتركون ذاك .. وقد تنتكس  الفكرة ، وتتراجع ، ونعود إلى موسيقى الهورن ، فيما إذا قلت مبيعات الغاز لديهم ..

هذه الفكرة التطويرية التي لاقت قبولاً .. وتطبيقاً عملياً لها في شوارع بغداد ، كما ذكرنا ، ومدن عراقية أخرى ، تحتاج إلى أفكار جديدة ترافق الموسيقى ، ومن هذه الأفكار ، أن تقوم شركة توزيع المنتجات النفطية ، بعمليات تأهيل وصيانة قناني الغاز ، لتزيين منظرها وأشكالها وطلائها بألوان زاهية .. فمعظم هذه ( القناني ) قد اعتراها الصدأ ، وتعرضت إلى كدمات من اعلاها وأسفلها وجوانبها ، وبعضها فقد قاعدة الإرتكاز .. ومع أنها تدخل بيوتات الناس،  وتخرج منها إلا أنها بحالة سيئة جداً .. ومنظرها لا يبعث على الارتياح . وعملية صيانتها وإعادة تأهيلها وطلائها ، ليست صعبة ، أو مكلفة ، إلا أن نتائجها ستكون إيجابية على مستخدميها ، وتبعث الإرتياح في النفوس .. كما أن طريقة نقل وتعبئة هذه القناني ، وقيام الباعة برميها إلى الأرض من عجلاتهم ، ما يتسبب في تصدعها وانبعاجها ، وهي طريقة متخلفة ، وبالية ، ولابد من إيجاد آلية لإنزال هذه القناني إلى الأرض بدل رميها .. وهذه الآلية تستطيع الشركة العامة للصناعات الميكانيكية في الاسكندرية ، تصميمها وتنفيذها وتصنيعها ، وبيعها إلى العاملين في توزيع الغاز .. ومهمة هذه الآلية ، وهي رافعة تثبت على بدن العجلة الناقلة لقناني الغاز ، وتعمل ميكانيكياً .. رفع القنينة وانزالها بهدوء إلى الأرض ، ورفع القناني الفارغة إلى العجلة ، وكلما كانت كلفة هذه الآلية متوازنة وبسيطة ، كلما لاقت قبولاً لدى الباعة .. او أن الشركة تقوم ببيعها إلى موزعي الغاز بالاقساط المريحة ، لضمان استخدامها ، والحفاظ على هيكل القنينة وشكلها الخارجي .. إذن شركة توزيع المنتجات النفطية ، والشركة العامة للصناعات الميكانيكية ، مدعوتان للعمل معاً ، من أجل تطوير هذه الوسيلة وتطيرها .. لانها منتشرة بشكل واسع ، وفي جميع المدن العراقية .. ولا استغناء عنها ، أو بديل لها ، لأن نظام توزيع الغاز في العراق لم يبن على أساس ضخه في الأنابيب ، كما هو الحال في كثير من دول العالم .. بل على الاسلوب السائد .. وتطوير هذا الاسلوب , وادخال التكنولوجيا في آلية العمل , من شأنها أن تسهم في تحديثه وتطويره وملائمته , لمجمل التطورات التي تحصل في المدن ، ومنها تصاميم وهندسة المباني ، وتأثيث الشوارع ، وتجميل المدن بالنصب والتماثيل ، وإزالة كل ما يخدش جمال المدينة ، وتطوير كل الآليات القديمة المتبعة ، لتكون عملية التغيير والتطوير شاملة ، ومتوازنة ، ومتوافقة .. بما يقنع المواطن ، بان مدينته أصبحت اكثر جمالا.

أحدث المقالات

أحدث المقالات