أيها الأبناء: الدفاع عن الأرض والوطن واجب على كل فرد أينما كان، لأن الإنسان بلا وطن لا يمكن أن يعيش بحرية وأمان، ماذا نفعل أمام الناس الذين يريدون أن يسيطروا على أرضنا ومقدساتنا؟، وهذا السؤال أطلقته الشهيدة أم عارف، وهي موظفة خدمة تعمل في مدرسة الهاشمية من قضاء بيجي في محافظة صلاح الدين، حين قدمت ما أستطاعت تقديمه لرجال الحشد الشعبي بخياطة ملابسهم وطهي الطعام لهم، إنها تتمة لمفاخر أمية الجبوري وأم مؤيد الأنبارية.
مصادرة الحياة وإغتصاب الحقوق، والتمييز الطائفي والمذهبي، والقومي والعرقي وحتى الديني، هي محاولات بائسة للطغاة والجبابرة، للنيل من الأحرار والشرفاء والتحكم بمصيرهم وسلب مقدراتهم، وجعلهم حيوانات بشرية ناطقة وصامتة على السواء، وإلا لماذا يستهدف الدواعش الأراذل الجبناء، حياة المواطنة أم عارف العاملة والطاهية والخياطة، التي ساندت أبناء جلدتها من رجال الحشد الشعبي؟ والإجابة تقفز عالية واضحة، وضوح مؤامراتهم الساعية لتمزيق وحدة الصف، وإثارة الفرقة بين أبناء البلد الواحد، إنه الحقد الأموي ليستمر نزيف الدم العراقي.
قلوب تكره الحرب، ولكنها تمتلك فعلاً للمقاومة والحرية، فحفرت أم عارف أسمها في التأريخ، عندما أطلقت قذائف هاون على منزلها، والذي تعيش فيه مع أثني عشر فرداً وتعيلهم بشرف وشجاعة، فزادها موقفها في ساحات الوغى منزلة، وكأنها تلاحق الموت بكل الإتجاهات، وليس هو من يلاحقها، لأنها أرعبتهم عندما رفضت التعاون مع الجبناء، فمن أفتى أن الرجال لا يمكنهم البكاء؟، لقد أذرفت الدموع في مشهد مقدس، يحمل صور الثلاثة عشر عندما زفوا في عرس إستشهادي مهيب.
مشاهد الموت والرؤوس المقطوعة، والعنف المستشري في أرض العراق باسم الدين والإسلام، وبفرض حالة من الصمت على أهلها، تعني أن المغامرين والمتآمرين والمتاجرين بأرواح الناس، هم لاعبون جدد تم إنتاجهم في مصانع الإستكبار العالمي الصهيوني، وفق سلسلة من الوصايا المتعلقة، بنسف وتدمير مبادئ المواطنة والإنتماء الأصيل، وعلى صعيد السياسة الديمقراطية الحديثة، بزغ فجر الجاهلية من جديد بعنوان: سنقتل البشر والحجر، فمن جانبنا غفور رحيم، ومن جانبهم شديد العقاب، وهذا ما رفضته أم عارف جملة وتفصيلاً.