18 نوفمبر، 2024 7:39 ص
Search
Close this search box.

أمريكا وداعش والطغمويون سأموا الحصار فقُتل الجنابي وحُطم متحف نينوى/2

أمريكا وداعش والطغمويون سأموا الحصار فقُتل الجنابي وحُطم متحف نينوى/2

إقترف كل من الأمريكيين والطغمويين(1) خطأً استراتيجياً فادحاً كلفاهما كثيراً وصبّا في صالح إستقلال وسيادة الوطن وفي صالح الديمقراطية العراقية إذا ما أحسن العراقيون حكومة وشعباً التصرف حيالهما لصالح تلك الديمقراطية التي تجسدت وتصلب عودها وفرضت فرضاً على الطغمويين والأمريكيين(2) بفضل الضغط الشعبي العارم في عهد حكومة نوري المالكي وبعناء كبير، وواصل العبادي المسيرة بعد أن أرسى السيد علي السيستاني أساسها النظري الذي إنتزعه إنتزاعاً من الأمم المتحدة وأمريكا والنظام الرسمي العربي والطغمويين عام 2004 ولكنها أصيبت في 10/6/2014 بنكسة خطيرة كادت أن تطيح بها على يد تآمر عالمي إقليمي داخلي معروف الأطراف.

 فبعد إخراج القوات الأمريكية من العراق ومغادرة أخر جندي ليلة 16/12/2011 واصل الأمريكيون والاسرائيليون وحكام السعودية وتركيا وقطر والطغمويون والشوفيينيون الجدد محاولات تغيير النظام السياسي الديمقراطي في العراق ولكن، هذه المرة، بإسلوب جديد يستند إلى محورين أملوا أن يلتقيا لاحقاً عند مرحلة النضوج ليؤديا الى سقوط كامل النظام الديمقراطي والى إحداث تغيير ديموغرافي على أوسع نطاق على يد داعش ثم “تحرير” العراق من الدواعش بمسرحية تتم على أيدي الطغمويين وعلى راسهم البعثيون تحت إسم “ثوار العشائر” وعندئذ تتقاطع(3) وتستريح مصالح جميع الأطراف المتآمرة وتتحقق أمنياتهم.

وهكذا يتحقق، جزئياً، شعار الطغمويين القائل: “أحكمك أو أقتلك أو أخرب البلد”. لقد حصلوا لحد الآن ومنذ 2003 على “أقتلك” و “أخرب البلد” ولكنهم لم يحصلوا على “أحكمك” ومازال “النضال” جارياً في سبيل الحكم. وقد راق هذا الشعار للأطراف الأخرى، فشجعوا الطغمويين على بلوغه وشاركوهم في تنفيذه لأنه يعني دماراً للعراق سواءً نجحوا أو فشلوا.

 هذان المحوران هما:

المحور الأول:

محور يسير باتجاه قيام جميع الأطراف المذكورة أعلاه، تضامناً وتنسيقاً، بمواصلة نهجهم الذي سلكوه منذ عام 2006 وحتى قبله المتمثل بعدم إتاحة الفرصة لتدريب وتسليح القوات العسكرية والامنية والإستخباراتية العراقية حتى بالحد الأدنى، وبشل يد الحكومة المنتخبة ديمقراطياً ومنع استكمال البناء الديمقراطي للدولة العراقية الجديدة عن طريق الحيلولة دون بناء المؤسسات الديمقراطية بشل مجلس النواب ومنعه من توفير البيئة التشريعية اللازمة وما يتبعها من بيئات سياسية وأمنية وإدارية وتنموية وخدمية سليمة فحالوا دون تأسيس مجلس الاتحاد والمحكمة الاتحادية ومجلس الخدمة العامة وحالوا دون اصدار القوانين الارتكازية كقانون الاحزاب وقانون النفط والغاز بل منعوا حتى إجراء إحصاء سكاني وهو أساس العمل المخطط في جميع مناحي الحياة.

كانت الوسائل المتبعة لتحقيق كل هذه النشاطات هي حماية حواضن الإرهاب في حزام بغداد وداخلها وفي محافظات أخرى بشتى الطرق بضمنها مجلس النواب الذي تورط (17) نائباً طغموياً بالإرهاب وطلب مجلس القضاء نزع الحصانة البرلمانية عنهم وأبى أسامة النجيفي رئيس البرلمان عرض الموضوع على المجلس، فواصلوا التخريب من داخل العملية السياسية بالابتزاز وباستخدام الادوات الديمقراطية لنحر الديمقراطية ذاتها بدل تعزيزها، وسط سكوت المستثقفين والفاشلين بل وسط تشويشاتهم وتضليلاتهم.

لذا إغتاظ الطغمويون كثيراً من إنتصارات الجيش والقوات الأمنية والحشد الشعبي الأخيرة بسبب التلاحم الشعبي لكل الطوائف وبسبب الإنتصارات بحد ذاتها وبسبب القضاء على عدد كبير من ورش تفخيخ السيارات وتصنيع العبوات الناسفة والألغام والكواتم وغيرها التي تسببت باستشهاد أكثر من مائة ألف برئ وإصابة أكثر من نصف مليون مواطناً. لقد ضبطت تلك الورش في جرف الصخر والضلوعية وديالى وسامراء وتكريت وتوابعها والرمادي.

كان الهدف من وراء كل ذلك تهيئة الظروف المناسبة “الناضجة” بكل معانيها التخريبية على أمل أن يصبح العراق آهلاً للسقوط التام وجاهزاً لإجتياحه من قبل داعش وحلفائها.

جرى كل هذا بالتوازي زمنياً مع المحور الثاني الذي كان يعد العدة لتاسيس داعش وهي اليد الضاربة المخصصة للسيطرة على الحكم في العراق ثم تسليمه الى الطغمويين بزعامة البعث بحركة مسرحية.

سيكون المحور الثاني هو موضوع الحلقة الثالثة القادمة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:

http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995

(2): قد يبدو إتهامي لأمريكا بالتآمر على الديمقراطية العراقية أمراً مستغرباً. رب سائل يسال: كيف تتآمر أمريكا وهي التي لعبت الدور الأساسي في تأسيس النظام الديمقراطي؟ الجواب ببساطة أرادت أمريكا ديمقراطية شكلية بمحتوى يخدم سياساتها وخلق طبقة سياسية تدين لها بالولاء ويقبلها الجمهور، مثلما حاولوا يوم قدموا حكومة الدكتور أياد علاوي.

لكن العراقيين (عدا طغموييه ومستثقفيه وفاشليه) أفشلوا المشروع الأمريكي بفضل وعيهم.  

(3): لابد من التنويه الى أن إستخدام الفعل الماضي “تقاطعَ” وتصريفاته يختلف في المعنى بين العراقيين والعرب الآخرين (على الأقل في فضائية “الميادين” اللبنانية). العراقيون يقصدون به التضاد والتضارب والتنافر. بينما يقصد الآخرون التوافق والتشابه والتطابق. أعتقد أن الاستخدام الثاني هو الصحيح بدلالة أن الخطين البيانيين في الهندسة والرياضيات يتوافقان ويتطابقان عند نقطة “التقاطع” .

أحدث المقالات