قوات الحشد الشعبي التي صارت بمثابة التسمية و الصفة الجديدة للميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران، صار واضحا بأنها تشکل خطرا و تهديدا جديا على الامن و الاستقرار في العراق، خصوصا بعد أن بات السلاح المتواجد بين يدي أفرادها يتم إستخدامها لأمور و قضايا شخصية و خاصة ولاسيما في حسم خلافات عشائرية، هذا ناهيك عن ان هذه القوات تقوم أيضا بالتجاوز على القانون و إنتهاکه في مجالات مختلفة، ولهذا فإن هناك قلق و توجس في بغداد نفسها بشأن هذه القوات وکيفية السيطرة عليها و جعلها تنقاد للقوانين و تلتزم بها.
رفض لجنة الحشد الشعبي في مجلس محافظة البصرة، قرار الحکومة الاتحادية بنزع السلاح من سکان المحافظة بعد نزاع عشائري دموي يوم الاثنين الماضي تسبب بوقوع إصابات عديدة بين المدنيين و إيقاف العمل بمحطة کهربائية بعد تضرر أجزاء منها، هذا الرفض يمثل جس نبض بسيط لکنه يمثل في نفس الوقت مقياسا و معيارا لعملية نزع السلاح عن قوى الحشد الشعبي فيما لو تم إتخاذ قرار سيادي بهذا الشأن، إذ من الواضح جدا بأن مثل هذا القرار سيولد ميتا، خصوصا مع الاخذ بنظر الاعتبار بقاء النفوذ و الهيمنة الايرانية في العراق على حالها.
خلال الايام الماضية تم الادلاء بأکثر من تصريح جسد موقفا رافضا لميليشيات الحشد الشعبي وکونها تمثل خطرا أکبر تأثيرا من داعش، خصوصا وان هناك قناعة لدى مختلف الاطراف و على مختلف الاصعدة بشأن أن داعش زائل لامحال و سيتم طرده من العراق و القضاء عليه، لکن الامر سيختلف کثيرا بالنسبة لقوات الحشد الشعبي التي ستبقى على حالها تسليحا و تأليبا و تحريضا، وان هذا مايمکن إعتباره اساس و جوهر المشکلة.
مع ان هناك فتوى صريحة من جانب المرجع السيستاني بخصوص عدم التجاوز على السکان المدنيين و عدم إستباحة و هدم و مصادرة أملاکهم، لکن وکما هو واضح فإن هناك الکثير من التجاوزات التي حدثت و تحدث، وان آخر التقارير الواردة من محافظة صلاح الدين، تفيد بقيام ميليشيات تابعة لحزب الله بتفجير منازل في قضاء الدور و أخرى في المجمع السکني لقضاء تکريت، وهو مادفع بمجلس محافظة صلاح الدين مناشدة المرجعية الدينية و رئيس الحکومة بالتدخل فورا لإيقافها، ومن الواضح جدا بأنه حتى لو تم إصدار اوامر من بغداد بإيقاف عمليات الهدم تلك فإنه لن يتم إيلائه أية أهمية من جانب تلك الميليشيات التي نعرف جميعا أن قادة و ضباط الحرس الثوري الايراني هم الوحيدون الذين يصدورن الاوامر إليها.
الحقيقة التي يجب علينا أن لانتغافل عنها و نتجاهلها هي أن تأسيس الميليشيات و إستفحال دورها و تأثيرها، يرتبط بإيران و تحديدا بالحرس الثوري الذي قام و يقوم بتوجيه هذه الميليشيات بما يخدم أهدافه و يحقق غاياته، وان الحديث عن لجم دور الميليشيات المسلحة في العراق و تحديد دورها، يرتبط بلجم و تحديد دور إيران في العراق وأي کلام خارج هذا السياق هو محض وهم و سراب!
[email protected]