18 ديسمبر، 2024 9:04 م

وافقت الكويت مشكورة على طلب تقدم به العراق لتأجيل سداد آخر دفعة من مبالغ التعويضات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على العراق ( لأحتلاله ) الكويت عام 1990 ، بسبب الظرف الأقتصادي الذي يمر به العراق نتيجة هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية ، وتبلغ قيمة الدفعة الأخيرة من التعويضات 4.6 مليار دولار .
فمنذ أربعة وعشرين عاما والعراق يدفع خمسة بالمئة من قيمة صادراته النفطية كتعويضات للكويت جراء الأضرار التي لحقت بالمنشآت النفطية الكويتية والبنى التحتية التي تم تخريبها جراء دخول القوات المسلحة العراقية أرض الكويت والبقاء فيها سبعة أشهر ، في الوقت الذي فرض المجتمع الدولي حصارا اقتصاديا جائرا على العراق نتج عنه نقصا حادا في الغذاء والدواء وكان الشعب العراقي الخاسر الوحيد من عملية لا ناقة له فيها ولا جمل ، فأرتفعت نسبة الوفيات بين الأطفال والنساء والشيوخ نتيجة نقص الغذاء وادوية الأمراض المزمنة، وأنتشار الأمراض السرطانية في مناطق جنوب العراق نتيجة ما أستخدمته قوات التحالف الدولي من أسلحة كيمياوية وبايولوجية ضد قوات الجيش العراقي المنسحبة من أرض الكويت.
وعندما أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على أحتلال العراق عام 2003 بحجة أسقاط نظام صدام حسين وتدمير الأسلحة النووية والكيمياوية التي يمتلكها العراق ، أستبشر الشعب العراقي خيرا من أن تقوم أميركا بالطلب من الكويت بأسقاط ما تبقى من الديون المترتبة عليه ، والتي أنهكت أقتصاده وجوعت شعبه ، ألا أن آمال العراقيين خابت بالفشل لأن أميركا لم تحرك ساكنا فيما يخص هذا الموضوع ، بل على العكس من ذلك كانت تنحاز دوما الى جانب الكويت وهي تستقطع أجزاءا غالية من التراب العراقي في أم قصر وغيرها من المناطق الحدودية ، وطرد ساكنيها العراقيين ، وضمها الى الكويت ، تنفيذا للقرارات الأممية.
في الوقت نفسه لم تبادر حكومة الكويت بطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة للعلاقات التي تربط الجارين الشقيقين وتتنازل عن مستحقاتها المتبقية بذمة العراق ، بل أصرت على دفع آخر فلس من التعويضات وهي ترى بأم عينها حال العراق والعراقيين وهو يتعرض لأبشع هجمة بربرية تكفيرية بدءا من القاعدة وأنتهاءا بداعش .
المواطن العراقي يعيش اليوم بحال مزر مهين ، فمستويات الفقر في تصاعد ، ونزيف الدم مستمر ، أناس قتلوا وغيرهم فقدوا ولا يعرف مصيرهم وآخرون هجروا من مساكنهم بحثا عن الأمن ، عوائل فقدت معيلها ، وجحافل من الأرامل والأيتام لا مأوى لهم ، أنهيار تام في كل الخدمات والبنى التحتية للبلد ، لا صحة ولا تعليم لا مجاري لا كهرباء ولا أقتصاد قادر أن يلبي الحد الأدنى لمتطلبات العيش بكرامة بعد أن أنهكته جيوب الفاسدين والمنتفعين ، قيادات سياسية غيرقادرة على وضع قاطرة العراق على سكة التطور والتقدم ، هذا ما جناه شعب العراق من أحتلال الكويت.
فما ذنب الشعب العراقي يتحمل لعنة الكويت الى يومنا هذا ؟
أليس من الأخلاق الأسلامية و العربية الأصيلة أن تواسي الكويت العراقيين بمصيبتهم وتتنازل عن باقي ديونها دعما للأقتصاد العراقي ، و هبة أخوية لشعب جار مسلم شقيق ، وهو موقف يحسب لها ، بل أن تساهم بشكل فعال في أن يقف العراق على قدميه ويسترد عافيته و تساهم في تعمير العراق وبناءه وتقديم المنح المالية للحكومة العراقية لتلبي أحتياجات شعبها الفقير ، مثلما تقدم مثل تلك المنح لدول القارة الأفريقية ، بدلا من أن تطالب العراق التعويض عن قندرة سمو الأمير التي فقدت عام 1990.