من البديهيات اذا توافقت جماعة على رأي موحد وهدف واحد فان هذه الجماعة تستطيع ان تشكل حزبا سياسيا تسعى من خلاله الى تحقيق اهدافها، وهنا يبرز السؤال هل ان تشكيل الحزب السياسي غاية ام وسيلة؟، او بمعنى آخر هل الحزب السياسي وسيلة وطريقا للوصول الى السلطة ام انه يسعى لتحقيق غاية وهدف اسمى ينفع الوطن والمواطن، او بمعنى اوسع، تطبيق برنامج سياسي يتم بموجبه بناء دولة مؤسسات يسودها الامن والامان وتطبيق القانون، وعليه فان كان وسيلة للوصول الى السلطة فان ذلك البلد كما يقال، اقرأ عليه السلام، لكون الجماعة هدفها استلام السلطة والتفرد بها وشيوع الفساد والاستحواذ على المال العام وادارة البلد بشمولية وانفرادية والسير به نحو الخراب والمجهول، وبالعكس ان كان الحزب يسعى لتحقيق غاية وهدف وفق برنامج سياسي معد مسبقا يبني دولة المؤسسات تسعد المواطن وتحقق امانيه في العيش الكريم والمستقبل الواعد.
وبمناسبة مناقشة مشروع قانون الاحزاب في البرلمان الذي لم نطلع عليه ولم نعرف الفلسفة التي بني عليها هذا المشروع لكون العراق يمر بمرحلة العدالة الانتقالية من مرحلة الديكتاتورية الى مرحلة الديمقراطية كما يقال، والعراق لحد هذه اللحظة لم يباشر ببناء اللبنات الاولى لصرح الديمقراطية، فالدستور والدولة بنيا على اساس المكونات لا اساس المؤسسات، والمحاصصة هي السائدة في بناء الدولة بالرغم من تصريحات المسؤولين في الابتعاد عن المحاصصة والطائفية التي تجسدت في بناء الدولة، وقد اطلق عليها التوازن، وغاب مبدأ المواطنة العراقية ومبدأ تكافؤ الفرص والكفاءة والشخص المناسب في المكان المناسب، وهذا يدعونا الى وقفة تأمل عند تشريع قانون الاحزاب وهو ان يكون الحزب يعتمد على مبدأ المواطنة العراقية بغض النظر عن الانتماء الديني او العرقي او المذهبي وان يكون لديه برنامج سياسي ووطني يخدم البلد والمواطن، وان لا يسعى لتحقيق اجندة خارجية، وعند وصوله الى السلطة على اعضائه التجرد من القوقعة الحزبية والعمل ضمن فضاء الوطن الواسع.