لم يكن يوم الخميس الموافق للثاني عشر من شهر اذار لعام 2015 يوما كبقية الأيام؛ لأنه حمل في ساعات صباحه الأولى خبرا مجلجلا صاعقا على نفوسنا وقلوبنا المؤمنة بقضاء الله وقدره، اذ غيب الموت احد اكبر واعظم رجالات المبادئ والقيم الإنسانية والروح الوطنية التي قل نظيرها في ثباتها على المواقف، عندما تحسب الشدائد في مواقف الرجال .
غيب الموت الشيخ الجليل ذا المنبت الأصيل ، صاحب البصيرة الثاقبة ورجل المعاني في الميادين وساحات الصمود والاباء في وقت قلّ فيه الصامدون، وكثر الهاربون المولون.
رحل شيخ المجاهدين وامام المرابطين الذي برحيله فقدت الامة الإسلامية بعامة والعراق بخاصة رجلا قل نظيره في مواقف الثبات المشرفة تجاه العدوان والاحتلال وتبعاته .
ما كنا نعلم قبل دفنك في الثرى ونحن نهيل بأيدينا التراب على قبرك ، أن الثرى يعلو على الأطواد . بعدا ليومك في الزمان فإنه أقذى العيون وفت في الأعضاد! يعز على قلبي أن يفارق ناظري لمعان ذاك الكوكب الوقاد ، ان الدموع عليك غير بخيلة والقلب بالسلوان غير جَوادْ ، بفراقك يا والدنا اسودت الدنيا في ناظري وغسلت من عيني كل سواد .. عندما سمعت الخبر كنت أمني نفسي ان يكون هنالك خطأ ما كسابقه او لبس في الامر .. هل حقا رحل شيخ الأمناء؟!
أشعر بأنني غير قادر على ان اكتب مواسياً فانا أحوج الناس للمواساة ، أحس بالحزن يلفني من كل جانب و يتمدد في كياني ولن تستطيع الكلمات ان تعبر عن شدة الأسى والحزن لرحيلك فانت أكبر من كل الكلمات ..أسأل الله الغفور الرحيم لك الرحمة والمغفرة .. أسأل الله سبحانه وتعالى ان يتقبلك قبولا حسنا ويجعل منزلتك مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا وان ينير قبرك ويوسع مدخلك وينقيك من الذنوب والخطايا وان يجزيك بالإحسان احسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا،
وأسأل الرحمن الرحيم ان يلهمنا واياكم واهله الصبر والسلوان.. وأن يحسن عزاءنا ويستجيب دعاءنا .
إِمَام الصابرين .. ستظل ذكراك عالقة في نفوسنا الى ان نلقاك.. والسلام عليك وعلى روحك الطاهرة التي كانت تلهج باسم العراق حتى وانت تصارع المرض في فراشك .. نم أبا المقاومين الشجعان قرير العين في لحدك الطاهر تحرسك ملائكة الرحمن… واعلم يا شيخنا ان عزاءنا برحيلك ان نحفظ العهد من بعدك ونسير على خطى دربك.. ولا سلام على أولئك الذين باعوا الأرض وخانوا العهد واستباحوا المال والعرض .. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .