قالوا قديماً: للنصر طريقان يؤديان إليه, براعتك؛ وحماقة عدوك, وأيضاً قالوا: إن التأريخ يصنعه المنتصرون, أما بالنسبة للقائد العربي الشهيد عمر المختار كان له رأيٌّ عندما قال: نحن لن نستسلم, ننتصر أو نموت, وقال سيد البلغاء علي بن أبي طالب (عليه السلام): يوم المظلوم على الظالم؛ أشد من يوم الظالم على المظلوم.
إن الفرق بين الحق والباطل, هو إن الحق واحد والباطل آحاد, كما إن للحق سبيل, وللباطل سُبلٌ شتّى, كما ذكر الباري عزَّ وجلَّ في سورة الأنعام الآية 153 (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
ولأننا على حق, أتبعنا سبيلاً واحداً, سبيل المرجعية الحكيمة, التي أوعزت بتطهير كل شبرٍ من أرض العراق, من الأنجاس الأوباش, القتلة المغتصبين, ولأن عدونا باطلاً, أتخذ سُبلاً وأساليب عديدة, وجنسيات مختلفة, وتحول من عدوٍ إلى أعداء, وعادى وحارب على كل الجبهات, الإعلامية والعقائدية والعسكرية بل وحتى السياسية منها.
إن فتوى المرجعية بوجوب الجهاد الكفائي, كانت أشبهُ بنثرِ بذور النصر, في أرضٍ عَمدت على إخصابها, بعدما أصابها بعض التصحر لأعوام طويلة, وصبرت حتى قطفت ثمار الإنتصارات, في إعلان عمليات (لبيك يا رسول اللـ ) ولو نلاحظ الفترة بين فتوى المرجعية وإنطلاق عملية تحرير صلاح الدين, هي من تأريخ 3162014 في جمعة إعلان فتوى الجهاد الكفائي, إلى مساء الأحد 132015 عند إعلان ساعة الصفر, أي ما يقارب 257 يوماً.
في تلك الأيام, لم تُستَثمر الأعداد المفرحة بالنسبة لنا, والمحزنة لأعدائنا, والتي بلغت أكثر من مليون ونصف متطوع, ولم يُستَثمر غليان الشارع العراقي بكافة أطيافه, إزاء ما حدث من قتلٍ وتهجيرٍ وتفجيرٍ وهتكٍ للأعراض, بل حتى المواقف السياسية كانت بعضها مخجلة, كقطع الإنترنيت وحجب مواقع التواصل الإجتماعي, من قبل الحكومة السابقة, خوفاً من إستغلالها مادةً للحرب الباردة, تلتها الحكومة الحالية بوقف القصف, أومثلاً إنسحاب بعض الكتل من العملية السياسية, إستنكاراً منهم لمجزرةٍ معينةٍ دون أُخرى, وكثرة الأتهامات والإعتراضات.
ما فعلهُ الأبطال اليوم, في الجيش العراقي, وقوات الشرطة الإتحادية, وجميع الفصائل المسلحة, من الحشد الشعبي, قلب المعادلة رأساً على عقب, لأن مواقع التواصل الأجتماعي, أصبحت اليوم بفضلهم جزءاً من النصر, والقصف بات اليوم بمختلف الأسلحة الثقيلة, التي ملئت السماء, والتصريح رسمياً بالدعم الإيراني, وعلى كافة الأصعدة.
ما تبقى هو وضع شريط المواقف السياسية اللاصقة, على أفواه الأعتراضات المدسوسة, لأن كما قال ونستون تشرشل (الإجابة الوحيدة على الهزيمة, هي الإنتصار).