شغل موضوع التعاون الايراني الامريكي منذ سنوات طويلة حيزا كبيرا في نقاشات وكتابات وآراء الكثيرين ممن أرادوا معرفة حقيقة ما يجري في الشرق الأوسط ، وما سر العلاقة التي بموجبها صرحت ايران مرات عدة من ان مواقفها وتعاونها كان سببا باحتلال افغانستان والعراق ، وظلت الشكوك تحوم حول الكثير من التصريحات الامريكية والايرانية الناعمة ، وصمت امريكا عن الكثير من التجاوزات التي لو اقدمت عليها دولة ما لتعرضت لردود فعل لاتحسب عواقبها كما حصل حينما نشب النزاع بين العراق والكويت ، فبالرغم من امكانية حل ذلك النزاع بصورة سلمية ، سعت امريكا وبكل وسيلة للوقوف ضد اي مسعى لانهاء الازمة بين البلدين وشاهدنا كيف مرر قرار في مؤتمر القمة العربية في القاهرة في 10آب 1990
والدور الذي لعبه الرئيس حسني مبارك والانظمة الموالية لامريكا في تمرير قرار كان ذريعة لدخول قوات اجنبية للمنطقة العربية وبقيادة الولايات المتحدة والذي امتد الى يومنا هذا واتاح لها التحكم بكل مقدرات العرب ووصولهم الى ما هم عليه اليوم .
لقد كانت ايران منذ نهاية الحرب العراقية الايرانية تتحين الفرص للنيل من الامة العربية وتحديدا الدول التي ساعدت العراق في الحرب ووجدت في رغبة امريكا بتدمير العراق وايقاف تقدمه التكنولوجي والاقتصادي لمنعه من ان يكون عونا لاي قطر عربي يتعرض لاعتداء من قبل الكيان الصهيوني ومن ان قوة العراق هي القوة الوحيدة الغير خاضعة للنفوذ الامريكي والقادرة على احداث خلل في توازن القوى في الشرق الاوسط لصالح العرب ، وجدت في هذه الرغبة مايحقق لها الانتقام من جيرانها العرب واولهم العراق وكانت توصل رسائل غير معلنة عن استعدادها لمساعدة امريكا في تحقيق ما تسعى اليه ، واظهرت سياسة تبدو محايدة او حتى معارضة خجولة لما قد تقدم عليه امريكا ، مما حدا بالعراق ان يثق بموقفها ويأتمنها على 130 طائرة من طائراته المدنية والعسكرية باعتبارها دولة اسلامية جارة ، وقد ادركت امريكا ان ايران ستكون عونا لها في تدمير العراق وهذا ما تبين لاحقا سواء بالرشوة التي دفعت للسيستاني (250مليون دولار) لاصدار فتوى تحريم قتال الامريكان أو ومن خلال تدريب ايران واعدادها للمخربين الموالين لها كمنظمة بدر وحزب الدعوة وغيره من التنظيمات التي كانت تتخذ من ايران مكانا امنا لايذاء العراق ومن ثم دخولها مع القوات الامريكية والبريطانية ومن تحالف معهم عام 2003 .
لقد طرحت الكثير من الآراء حول مغزى تعاون ايران في احتلال العراق وبقي الكثيرين يحاولون تبرير هذا التدخل او ابعاده ، ولكن اظهرت الايام حقيقة الدور الايراني والثمن الذي قبضته من امريكا نتيجة مواقفها التي ماكان للامريكان ان يحققوا ماحققوه لولا مساندة ايران ، وقامت بتسليم العراق لايران على طبق من ذهب ، وتمثل بشكل جلي في تغاضيها لموقف ايران من الشأن السوري واللبناني واليمني وصولا الى اعلانها انها باتت اليوم تسيطر على اربع عواصم عربية ، ولكن التصريح الاخير لمستشار الرئيس الايراني روحاني يمثل القنبلة التي نسفت كل التبريرات التي كان يقدمها عملاء ايران في المنطقة والحكومة العراقية تحديدا ، فقد كان لاعلان ايران انها اخيرا اعادت الامبراطورية الفارسية الساسانية وعاصمتها بغداد حقيقة لاتقبل الجدل او المناورة عن الثمن الذي دفعته امريكا لايران والدور الذي انيط بها في ان تكون شرطي المنطقة وتشريع ماتقوم به ولعبة المصالح المشتركة التي تدور بين الطرفين والتي تصب ايضا بمصلحة الكيان الصهيوني ، ولنجد العرب اليوم في حالة من التخبط والفوضى نتيجة الخريف العربي والتهديدات المصيرية التي تتعرض لها الامة والتي ستطال وجودها وحضارتها ودينها الاسلامي .
لقد كان هناك شكوك لدى العديد من الباحثين والمحللين للوصول الى حقيقة العلاقة بين امريكا وايران ، ويبدو ان العالم العربي عرف الحقيقة اخيرا من ان هذه العلاقة هي علاقة زواج عرفي بين امريكا وايران وان مهر ايران كانت بغداد …. فهل ستكون بغداد المهر الذي تقبل به ايران أم هناك بقية ليكتمل ؟ وماذا ينتظر العرب اكثر مما سمعوا وعرفوا بالدليل القاطع ؟ وهنيئا لحكومة الاحتلال في بغداد معرفتهم بانهم نتاج علاقة محرمة كانوا هم نتيجتها وعلى الاقل عرفوا من هي الام بعد ان كانوا يعرفون الوالد فقط ، وننتظر رأي الشعب العراقي .