المعروف عن القادة عبر العصور بأنهم يجيدون فن الخطابة , وخطبهم تعد فنا رفيعا من فنون الكلام , وتُظهر قدرات بلاغية وتعبيرية متميزة , وفي تأريخنا العربي كانت خطب القادة ذات قيمة معرفية ولغوية , وقد برز الكثير منهم بخطاباتهم القوية المؤثرة المنطوقة بلسان سليم.
والنبي الكريم كان خطيبا مفوها , وكذلك الخلفاء الذين جاؤوا بعده ومَن تلاهم من قادة المسلمين أجمعين , وكانت ثقافتهم اللغوية ثرية وواسعة.
وفي زمننا المعاصر تجدنا أمام قادة يتعثرون باللغة العربية , ولا يجيدون قراءة ما هو مكتوب , فيرفعون المنصوب ويجرون المرفوع وينصبون المجرور , ويقدمون خطبا بلغة مضطربة , وبنطق منافي لطبيعة الحرف العربي.
وكلما تستمع لقائد عربي يتكلم تشعر بأن اللغة ليست بخير , وأنها تعاني من الإهمال وقلة الإهتمام من قبل القائمين على شؤون المجتمعات العربية.
ولا يُعرف لماذا لا يتعلم القادة مهارات الخطابة والنطق السليم؟
ولماذا لا يتدربون على كيفيات إلقاء الخطب وبعض قواعد النحو؟
إنّهم يقرؤون القرآن فهل يقرؤونه بلسان عربي صحيح , أمْ يرفعون وينصبون ويجرّون على هواهم , إنّ الذي يقرأ القرآن لا يمكنه أن يتعثر بالنطق بالعربية لهذه الدرجة؟!!
قادة الدول كافة يهتمون باللغة والخطابة , فقادة أوربا خطباء بلغاء مفوهون بلغتهم , وكذلك الرئيس الأمريكي الذي يتميز بقابلية خطابية ولغوية بارزة ومؤثرة.
ففي مؤتمر شرم الشيخ الذي إنعقد في 1332015 , لم ينطق بلسان عربي سليم من القادة إلا الرئيس الفلسطيني والسوداني , وغيرهم أخطأ النطق ونسف أبسط قواعد النحو!!
هذا ليس إلا نقدا بنّاءً وضروريا , أرجو أن يتقبله القادة بروح قيادية وصدر رحب , لأن للكلمة دورها وقيمتها الفكرية والنفسية والسلوكية , وإذا كان قادة الأمة لا ينطقون اللغة العربية بفصاحة ووضوح , فكيف سيكون الناس في المجتمع العربي؟!
إنّ من ضرورات رعاية وحماية لغة الضاد أن يتعلم القادة العرب النطق العربي السليم , ولا عيب في أن يأخذوا دروسا ويتدربوا على فن الخطابة , ولا بد أن يكون لديهم مستشار لغوي يراجع خطاباتهم ويضع الحركات على الكلمات , لكي نتخلص من هذا النقص الضار بالقائد واللغة , وله تأثيرات سلبية على المجتمع , ذلك أن للغة دورها في صناعة السلوك , فإذا إعوجت تؤدي إلى سلوكيات مضطربة وآليات تفكير مشوهة.
تحية للغة الضاد وللقائد العربي الذي يهتم بلغة خطابه , وينطق الكلمات العربية بنحوية صحيحة.
فارحموا لغة الضاد ينصركم الله!!